وأما تمييزك بين أهل الشام والبصرة، وبينك وبين طلحة والزبير، فلعمري فما الأمر هناك إلا واحد، لأنها بيعة عامة، لا يتأنى فيها النظر، ولا يستأنف فيها الخيار. وأما قرابتي من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقدمي في الإسلام؛ فلو استطعت دفعه لدفعته! وكتب معاوية إلى علي:
أما بعد: فإنك قتلت ناصرك، واستنصرت واترك «١» ، وايم الله لأرمينّك بشهاب تذكيه الريح ولا يطفئه الماء؛ فإذا وقع وقب «٢» ، وإذا مسّ ثقب، فلا تحسبنّي كسحيم، أو عبد القيس، أو حلوان الكاهن.
فأجابه علي:
أما بعد، فو الله ما قتل ابن عمك غيرك، وإني أرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته؛ وإن السيف الذي ضربت به أهلك لمعي دائم؛ والله ما استحدثت دينا، ولا استبدلت نبيا، وإني على المنهاج الذي تركتموه طائعين، وأدخلتم فيه كارهين.
وكتب معاوية [مع أبي مسلم الخولاني] إلى علي بن أبي طالب [قبل مسيره إلى صفين] .
أما بعد، فإن الله اصطفى محمدا وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، واختار له من المسلمين أعوانا أيده بهم وكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، فكان أفضلهم في الإسلام وأنصحهم لله ولرسوله، الخليفة، وخليفة الخليفة، والخليفة الثالث؛ فكلّهم حسدت، وعلى كلهم بغيت؛ عرفنا ذلك في نظرك الشّزر، وتنفسك الصعداء، وإبطائك عن الخلفاء؛ وأنت في كل ذلك تقاد كما يقاد