ولعمري إن كان مكانهما في الإسلام لعظيما، وإن كان المصاب بهما لجرحا في الإسلام شديدا، فرحمهما الله وغفر لهما. وذكرت أن عثمان كان في الفضل تاليا؛ فإن كان محسنا فسيلقي ربا شكورا يضاعف له الحسنات، ويجزيه الثواب العظيم؛ وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب [أن] يغفره.
ولعمري إني لأرجو إذا الله أعطى [الناس على قدر فضائلهم في] الإسلام [ونصيحتهم لله ولرسوله] أن يكون سهمنا أهل البيت أوفر نصيب: وايم الله ما رأيت ولا سمعت بأحد كان أنصح لله في طاعة الله ورسوله، ولا أنصح لرسول الله في طاعة الله، ولا أصبر على البلاء والأذى في مواطن الخوف- من هؤلاء النفر من أهل بيته؛ الذين قتلوا في طاعة الله: عبيدة بن الحرث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة؛ وفي المهاجرين خير كثير، جزاهم الله بأحسن أعمالهم.
وذكرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي إياهم والبغي عليهم؛ فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الكراهة لهم فو الله ما أعتذر للناس من ذلك؛ وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه، فقد عمل عثمان بما قد علمت وعمل به الناس ما قد بلغك، وقد علمت أني كنت من أمره في عزلة إلا أن تجنّي فتجنّ ما شئت؛ وأما ذكرك قتلة عثمان وما سألت من دفعهم إليك، فإني نظرت في هذا الأمر وضربت أنفه وعينه، فلم يسعني دفعهم إليك ولا إلى غيرك.
وإن لم تنزع عن غيّك لتعرفنّهم عما قليل يطلبونك ولا يكلّفونك أن تطلبهم في سهل ولا جبل، ولا برّ ولا بحر؛ وقد كان أبوك أبو سفيان أتاني حين قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: ابسط يدك أبايعك، فأنت أحقّ الناس بهذا الأمر. فكنت أنا الذي أبيت عليه، مخافة الفرقة بين المسلمين لقرب عهد الناس بالكفر؛ فأبوك كان أعلم بحقّي منك؛ فإن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك وإلا فنستعين الله عليك.