أما بعد، فإن عمر رضي الله عنه لم يدخل في الشورى إلا من تحل له الخلافة، فلم يكن أحد أولى بها من صاحبه إلا باجتماعنا عليه، غير أن عليا كان فيه ما فينا، ولم يكن فينا ما فيه، ولو لم يطلبها ولزم بيته لطلبته العرب ولو بأقصى اليمن؛ وهذا الأمر قد كرهنا أوله، وكرهنا آخره؛ وأما طلحة والزبير فلو لزما بيوتهما لكان خيرا لهما، والله يغفر لأم المؤمنين ما أتت.
وكتب معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة:
أما بعد، فإنما أنت يهودي بن يهودي، إن ظفر أحبّ الفريقين إليك عزلك واستبدل بك؛ وإن ظفر أبغض الفريقين إليك قتلك ونكّل بك؛ وقد كان أبوك أوتر «١» قوسه ورمى غرضه، فأكثر الحز وأخطأ المفصل، فخذله قومه، وأدركه يومه، ثم مات طريدا بحوران.
فأجابه قيس:
أما بعد، فأنت وثني، ابن وثني دخلت في الإسلام كرها، وخرجت منه طوعا، لم يقدم إيمانك، ولم تحذر نفاقك؛ ونحن أنصار الدين الذي خرجت منه وأعداء الدين الذي دخلت فيه! والسلام.
وخطب عليّ بن أبي طالب أصحابه يوم صفين، فقال:
أيها الناس، إن الموت طالب لا يعجزه هارب، ولا يفوته مقيم؛ اقدموا ولا تنكلوا «٢» ، فليس عن الموت محيص «٣» ، والذي نفس ابن أبي طالب بيده: إن ضربة سيف أهون من موت الفراش.