الأذنين، من كان لها أهلا؛ وإن شئت فما صنع عمر، صيّرها إلى ستة نفر من قريش يختارون رجلا منهم، وترك ولده وأهل بيته، وفيهم من لو وليها لكان لها أهلا.
قال معاوية: هل غير هذا؟
قال: لا.
ثم قال للآخرين: ما عندكم؟
قالوا: نحن على ما قال ابن الزبير.
فقال معاوية: إني أتقدم إليكم وقد أعذر من أنذر إني قائل مقالة، فأقسم بالله لئن ردّ عليّ رجل منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يضرب رأسه، فلا ينظر امرؤ منكم إلا إلى نفسه، ولا يبقي إلا عليها.
وأمر أن يقوم على رأس كل رجل منهم رجلان بسيفيهما، فإن تكلم بكلمة يرد بها عليه قوله قتلاه، وخرج وأخرجهم معه حتى رقي المنبر، وحف به أهل الشام واجتمع الناس، فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
إنا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، قالوا: إن حسينا وابن أبي بكر وابن عمر وابن الزبير لم يبايعوا ليزيد، وهؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم: لا نبرم أمرا دونهم، ولا نقضي أمرا إلا عن مشورتهم؛ وإني دعوتهم فوجدتهم سامعين مطيعين، فبايعوا وسلّموا وأطاعوا. فقال أهل الشام: وما يعظم من أمر هؤلاء؟ ائذن لنا فنضرب أعناقهم، لا نرضى حتى يبايعوا علانية: فقال معاوية: سبحان الله ما أسرع الناس إلى قريش بالشرّ، وأحلى دماءهم عندهم! أنصتوا، فلا أسمع هذه المقالة من أحد. ودعا الناس إلى البيعة فبايعوا، ثم قرّبت رواحله فركب ومضى.
فقال الناس للحسين وأصحابه: قلتم لا نبايع، فلما دعيتم وأرضيتم بايعتم! قالوا: لم نفعل.