للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راهط، فكان الضحاك في ستين ألفا، ومروان في ثلاثة عشر ألفا، أكثرهم رجالة، وأكثر أصحاب الضحاك ركبان؛ فاقتتلوا بالمرج عشرين يوما، وصبر الفريقان، وكان على ميمنة الضحاك زياد بن عمرو بن معاوية العقيلي، وعلى ميسرته بكر بن أبي بشير الهلالي: فقال عبيد الله بن زياد لمروان: إنك على حق، وابن الزبير ومن دعا إليه على الباطل، وهم أكثر منا عددا وعددا، ومع الضحاك فرسان قيس؛ واعلم أنك لا تنال منهم ما تريد إلا بمكيدة، وإنما الحرب خدعة، فادعهم إلى الموادعة، فإذا أمنوا وكفّوا عن القتال فكرّ عليهم. فأرسل مروان السّفراء إلى الضحاك يدعوه إلى الموادعة ووضع الحرب حتى ننظر. فأصبح الضحاك والقيسية قد أمسكوا عن القتال، وهم يطمعون أن يبايع مروان لابن الزبير، وقد أعد مروان أصحابه، فلم يشعر الضحاك وأصحابه إلا والخيل قد شدت عليهم، ففزع الناس إلى راياتهم من غير استعداد وقد غشيتهم الخيل، فنادى الناس: أبا أنيس، أعجز بعد كيس «١» ، وكنية الضحاك: أبو أنيس، فاقتتل الناس، ولزم الناس راياتهم، فترجّل مروان وقال: قبح الله من ولاهم اليوم ظهره حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين. فقتل الضحاك بن قيس، وصبرت قيس عند راياتها يقاتلون، فنظر رجل من بني عقيل إلى ما تلقى قيس عند راياتها من القتل، فقال: اللهم العنها من رايات! واعترضها بسيفه، فجعل يقطعها، فإذا سقطت الراية تفرق أهلها، ثم انهزم الناس فنادى منادي مروان: لا تتبعوا من ولّاكم اليوم ظهره.

فزعموا أن رجالا من قيس لم يضحكوا بعد يوم المرج، حتى ماتوا جزعا على من أصيب من فرسان قيس يومئذ، فقتل من قيس يومئذ ممن كان يأخذ شرف العطاء، ثمانون رجلا، وقتل من بني سليم ستمائة، وقتل لمروان ابن يقال له عبد العزيز، وشهد مع الضحاك يوم مرج راهط عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان، فلما انهزم الناس، قال له عبيد الله بن زياد: ارتدف «٢» خلفي. فارتدف، فأراد عمرو بن سعيد أن يقتله،