للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إني عهدتك قبل الخلافة عطرا، لبّاسا، فاره «١» المركب، طيّب الطعام؛ فلما وليت رجوت أن أستريح وأتخلص، فزاد عملي شدة، وصرت أنت في بلاء! قال فأنت حرّ، فاذهب عني ودعني وما أنا فيه حتى يجعل الله لي منه مخرجا! ميمون بن مهران قال: كنت عند عمر، فكثر بكاؤه ومسألته ربّه الموت، فقلت:

لم تسأل الموت وقد صنع الله على يديك خيرا كثيرا: أحيا بك سننا، وأمات بك بدعا قال: أفلا أكون مثل العبد الصالح أقر الله عينه وجمع له أمره قال: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

«٢» ! ولما ولي عمر بن عبد العزيز قال: إن فدك كانت مما أفاه الله على رسوله فسألتها فاطمة رسول الله، فقال لها: ما لك أن تسأليني، ولا لي أن أعطيك! فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصنع فيها حيث أمره الله، ثم أبو بكر وعمر وعثمان، كانوا يضعونها المواضع التي وضعها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم ولي معاوية فأقطعها مروان، ووهبها مروان لعبد الملك وعبد العزيز، فقسمناها بيننا أثلاثا: أنا والوليد وسليمان؛ فلما ولي الوليد سألته نصيبه فوهبه لي، وما كان لي مال أحبّ إلي منها؛ وأنا أشهدكم أني قد رددتها إلى ما كانت عليه على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقال عمر: الأمور ثلاثة: أمر استبان رشده فاتبعه؛ وأمر استبان ضرّه «٣» فاجتنبه؛ وأمر أشكل أمره عليك فردّه إلى الله.

وكتب عمر إلى بعض عماله: الموالي ثلاثة: مولى رحم، ومولى عتاقة، ومولى عقد؛ فمولى الرحم يرث ويورث، ومولى العتاقة يورث ولا يرث، ومولى العقد لا يرث ولا يورث وميراثه لعصبته.