ثم استشار ذا النّهى والحجر ... من صحبه ومن رجال الثّغر
فكلّهم أشار أن لا يدربا ... ولا يجوز الجبل المؤشّبا
لأنه في عسكر قد انخرم ... بندب كلّ العرفاء والحشم
وشنّعوا أنّ وراء الفجّ ... خمسين ألفا من رجال العلج
فقال لا بدّ من الدّخول ... وما إلى حاشاه من سبيل
وأن أديخ أرض بنبلونه ... وساحة المدينة الملعونه
وكان رأيا لم يكن من صاحب ... ساعده عليه غير الحاجب
واستنصر الله وعبّى ودخل ... فكان فتحا لم يكن له مثل «١»
لمّا مضى وجاز الدّروبا ... وادّرع الهيجاء والحروبا «٢»
عبّى له علج من الأعلاج ... كتائبا غطّت على الفجاج «٣»
فاستنصر الإمام ربّ الناس ... ثم استعان بالنّدى والباس
وعاذ بالرّغبة والدعاء ... واستنزل النّصر من السّماء
فقدم القوّاد بالحشود ... وأتبع المدود بالمدود
فانهزم العلج وكانت ملحمه ... جاوز فيها السّاقة المقدّمه «٤»
فقتلوا مقتلة الفناء ... فارتوت البيض من الدّماء
ثم أمال نحو بنبلونه ... واقتحم العسكر في المدينه
حتى إذا جاسوا خلال دورها ... وأسرع الخراب في معمورها
بكت على ما فاتها النّواظر ... إذ جعلت تدقّها الحوافر
لفقد من قتّل من رجالها ... وذلّ من أيتم من أطفالها
فكم بها وحولها من أغلف ... تهمي عليه الدمع عين الأسقف «٥»