للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخطئوا؛ والله لا أكلمه أبدا ولا يصلّي عليّ! فلما رجع أنس إلى زياد أخبره بما قال، وقال له: إنه قبيح أن يموت مثل أبي بكرة بالبصرة، فلا تصلي عليه ولا تقوم على قبره؛ فاركب دوابك والحق بالكوفة. قال: ففعل. ومات أبو بكرة بالغد عند صلاة الظهر، فصلى عليه أنس بن مالك.

وقدم شريح مع زياد من الكوفة لقضاء البصرة، فكان زياد يجلسه إلى جنبه ويقول له: إن حكمت بشيء ترى غيره أقرب إلى الحق منه فأعلمنيه. فكان زياد يحكم فلا يرد شريح عليه، فيقول زياد لشريح: ما ترى؟ فيقول: هذا الحكم، حتى أتاه رجل من الأنصار فقال: إني قدمت البصرة والخطط «١» موجودة، فأردت أن أختط لي، فقال لي بنو عمي وقد اختطوا ونزلوا: أين تخرج عنا؟ أقم معنا واختط عندنا فوّسعوا لي، فاتخذت فيهم دارا وتزوّجت، ثم نزغ «٢» الشيطان بيننا، فقالوا لي: اخرج عنا! فقال زياد: ليس ذلك لكم، منعتموه أن يختط والخطط موجودة وفي أيديكم فضل فأعطيتموه، حتى إذا ضاقت الخطط أخرجتموه وأردتم الإضرار به؟ لا يخرج من منزله! فقال شريح: يا مستعير القدر ارددها. فقال زياد: يا مستعير القدر احبسها ولا ترددها! فقال محمد بن سيرين: القضاء بما قال شريح، وقول زياد حسن.

وقال زياد: ما غلبني أمير المؤمنين معاوية إلا في واحدة: طلبت رجلا فلجأ إليه وتحرّم «٣» به، فكتب إليه: إن هذا فساد لعملي: إذا طلبت أحدا لجا إليك فتحرم بك، فكتب إليّ: إنه لا ينبغي لنا أن نسوس الناس بسياسة واحدة، فيكون مقامنا مقام رجل واحد؛ ولكن تكون أنت للشدة والغلظة، وأكون أنا للرأفة والرحمة، فيستريح الناس فيما بيننا.

ولما عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه زيادا من كتابة أبي موسى، قال له: أعن