بسم الله الرحمن الرحيم، من سليمان بن عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف، سلام على أهل الطاعة من عباد الله، أما بعد؛ فإنك امرؤ مهتوك عنه حجاب الحق، مولع بما عليك لا لك، منصرف عن منافعك، تارك لحظك، مستخف بحق الله وحق أوليائه، لا ما سلف إليك من خير يعطفك، ولا ما عليك لآلك يصرفك في مبهمة من أمرك مغمور منكوس معصوصر «١» عن الحق اعصيصارا، لا تتنكّب «٢» عن قبيح، ولا ترعوي «٣» عن إساءة، ولا ترجو لله وقارا؛ حتى دعيت فاحشا سبابا، فقس شبرك بفترك، واحذ زمام نعل بحذو مثله فايم الله لئن أمكنني الله منك لأدوسنك دوسة تلين منها فرائصك «٤» ، ولأجعلنك شريدا في الجبال. تلوذ بأطراف الشمال، ولأعلقن الرومية الحمراء بثدييها، علم الله ذلك مني وقضى لي به عليّ، فقدما غرّتك العافية. وانتحيت «٥» أعراض الرجال؛ فإنك قدرت فبذخت، وظفرت فتعدّيت؛ فرويدك حتى تنظر كيف يكون مصيرك إن كانت بي وبك مدة أتعلق بها.
وإن تكن الأخرى فأرجو أن تئول إلى مذلة ذليلة، وخزية طويلة، ويجعل مصيرك في الآخرة شرّ مصير! والسلام.
فكتب إليه الحجاج: بسم الله الرحمن الرحيم. من الحجاج بن يوسف إلى سليمان بن عبد الملك، سلام على من أتبع الهدى، أما بعد، فإنك كتبت إلي تذكر أني امرؤ مهتوك عني حجاب الحق، مولع بما عليّ لا لي، منصرف عن منافعي، تارك لحظي، مستخف بحق الله وحق وليّ الحق؛ وتذكر أنك ذو مصاولة «٦» ؛ ولعمري إنك لصبيّ حديث السن، تعذر بقلة عقلك، وحداثة سنك ويرقب فيك غيرك.