الأمر من قبل ومن بعد! قالت: يا أمير المؤمنين، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
«١» ؛ واذكر يا أمير المؤمنين أليّتك «٢» . ما استشفعت إلا شفعتني! قال: واذكري يا أم الرشيد أليّتك لا شفعت لمقترف ذنبا.
قال سهل بن هارون: فلما رأته صرّح بمنعها ولاذ عن مطلبها، أخرجت حقا «٣» من زبرجدة خضراء فوضعته بين يديه؛ فقال الرشيد: ما هذا؟ ففتحت عنه قفلا من ذهب فأخرجت منه قميصه وذوائبه «٤» وثناياه، قد غمست جميع ذلك في المسك؛ فقالت: يا أمير المؤمنين، أستشفع إليك وأستعين بالله عليك وبما صار معي من كريم جسدك وطيب جوارحك ليحيى عبدك. فأخذ هارون ذلك فلثمه، ثم استعبر وبكى بكاء شديدا، وبكى أهل المجلس، ومر البشير إلى يحيى وهو لا يظن إلا أن البكاء رحمة له ورجوع عنه، فلما أفاق رمى جميع ذلك في الحقّ، وقال لها: لحسنا ما حفظت الوديعة! قالت: وأهل للمكافأة أنت يا أمير المؤمنين! فسكت وأقفل الحق ودفعه إليها، وقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها
«٧» . قال: وما ذلك يا أم الرشيد؟ قالت: ما أقسمت لي به أن لا تحجبني ولا تجبهني قال: أحب يا أم الرشيد أن تشتريه محكّمة فيه. قالت: أنصفت يا أمير المؤمنين، وقد فعلت غير مستقيلة لك، ولا راجعة عنك. قال: بكم؟ قالت: برضاك عمن لم يسخطك! قال: يا أم الرشيد، أمالي عليك من الحق مثل الذي لهم؟ فتحكّمي في تمنية بغيرهم. قالت: بلى قد