قال: وأقبل الجيش حتى نزلوا خضبة الخصيّ، ثم بعثوا رئيسهم، فصادفوا غلاما شابا من بني عبيدة يقال له قرط بن أهبط، فعرفه بسطام- وقد كان عرفه عامة غلمان بني ثعلبة حين أسره عتيبة، قال: وقال سليط: بل هو المطوّح بن قرواش- فقال له بسطام: أخبرني، ماذاك السواد الذي بالحديقة؟ قال: هم بنو زبيد، قال:
أفيهم أسيد بن حنّاءة؟ قال: نعم. قال: كم هم؟ قال: خمسون بيتا. قال: فأين بنو عتيبة؟ وأين بنو أزنم؟ قال: نزلوا روضة الثمد. قال: فأين سائر الناس؟ قال: هم محتجزون بخفاف. قال: فمن هناك من بني عاصم؟ قال الاحيمر، وقعنب ومعدان، ابنا عصمة. قال: فمن فيهم من بني الحارث بن عاصم؟ قال: حصين بن عبد الله.
فقال بسطام لقومه: أطيعوني تقبضوا على هذا الحي من زبيد وتصبحوا سالمين غانمين. قالوا: وما يغني عنا بنو زبيد لا يودون رحلتنا. قال: إن السلامة إحدى الغنيمتين. فقال له مفروق: انتفخ تتحول يا أبا الصهباء. وقال له هانىء: أحينا! فقال لهم: ويلكم! إن أسيدا لم يظلّه بيت قط شاتيا ولا قائظا، إنما بيته القفر، فإذا أحس بكم أجال على الشقراء فركض حتى يشرف على مليحة، فينادي: يا آل يربوع! فتركب، فليقاكم طعن ينسيكم الغنيمة، ولا يبصر احدكم مصرع صاحبه، وقد جئتموني وأنا أتابعكم، وقد أخبرتكم ما أنتم لا قون غدا! فقالوا:
نلتقط بني زبيد، ثم نلتقط بني عبيدة وبني عتيبة، كما نلتقط الكمأة «١» ، ونبعث فارسين فيكونان بطريق أسيد، فيحولان بينه وبين يربوع. ففعلوا، فلما أحس بهم أسيد ركب الشقراء، ثم خرج نحو بني يربوع، فابتدره الفارسان، فطعن أحدهما فألقى نفسه في شق فأخطأه. ثم كرّر راجعا حتى أشرف على مليحة، فنادى: يا صباحاه! يا آل يربوع! غشيتم! فتلاحقت الخيل حتى توافوا بالغطفان، فاقتتلوا، فكانت الدائرة على بني بكر، قتل منهم: مفروق بن عمرو، فدفن بثينة «٢» يقال لها ثينة مفروق، والمقاعس الشيباني، وزهير بن الحزور الشيباني، وعمرو بن الحزور الشيباني،