ابن زيد مناة، فأخذ نعما كثيرا، وسبى فيهنّ الزرقاء من بني ربيع بن الحارث، فأعجب بها وأعجبت به، وكانت خرقاء، فلم يتمالك أن وقع بها، فلما انتهى إلى جدود، منعتهم بنو يربوع بن حنظلة أن يردوا الماء، ورئيسهم عتيبة بن الحارث بن شهاب، فقاتلوهم، فلم يكن لبني بكر بهم يد، فصالحوهم على أن يعطوا بني يربوع بعض غنائهم، على أن يخلّوهم [أن] يردوا الماء، فقبلوا ذلك وأجازوهم، فبلغ ذلك بني سعد، فقال قيس بن عاصم في ذلك:
جزى الله يربوعا بأسوأ سعيها ... إذا ذكرت في النائبات أمورها
ويوم جدود قد فضحتم أباكم ... وسالمتم والخيل تدمى نحورها
فأجابه مالك:
سأسأل من لاقى فوارس منقذ ... رقاب إماء كيف كان نكيرها «١»
ولما أتى الصريخ بني سعد، ركب قيس بن عاصم في أثر القوم حتى أدركهم بالأشيمين، فألح قيس على الحوفزان وقد حمل الزرقاء، وكان الحوفزان قد خرج في طليعة، فلقيه قيس بن عاصم فسأله من هو، فقال: لا تكاتم اليوم، أنا الحوفزان، فمن أنت؟ قال: أنا أبو علي. ومضى، ورجع الحوفزان إلى أصحابه، فقال: لقيت رجلا أزرق كأنّ لحيته ضريبة «٢» صوف فقال: أنا أبو علي. فقالت عجوز من السبي: بأبي أبو علي! ومن لنا بأبي علي؟ فقال لها: ومن أبو علي؟ قالت: قيس بن عاصم! فقال لأصحابه: النجاء! وأردف الزرقاء خلفه وهو على فرسه الزّبد، وعقد شعرها إلى صدره ونجا بها. وكانت فرس قيس إذا أوعثت «٣» قصّرت وتمطر عليها الزّبد، فلما أجدّت «٤» لحقت بحيث يكلم الحوفزان، فقال قيس له: يا أبا حمار، أنا خير لك من الفلاة والعطش! قال له الحوفزان: ما شاء الزبد. فلما رأى قيس أن فرسه لا يلحقه، نادى الزرقاء فقال: ميلي به يا جعار! فلما سمعه الحوفزان، دفعها