قال: فمضى لذلك ما شاء الله، ثم إن بني عائدة حلفاء بني أبي ربيعة بن ذهل بن أبي شيبان- وهم يزعمون أنهم من قريش، وأن عائدة بن لؤي بن غالب- خرج منهم رجلان يصيدان، فعرض لهما رجل من بني شيبان، فذعر عليهما صيدهما، فوثبا عليه فقتلاه، فثارت بنو مرة بن ذهل بن شيبان يريدون قتلهما فأبت بنو ربيعة عليهم ذلك، فقال هانيء بن مسعود: يا بني ربيعة، إن إخوتكم قد أرادوا طلبكم فانمازوا «١» عنهم. قال: ففارقوهم وساروا حتى نزلوا بمبايض، ماء لهم- ومبايض علم من وراء الدهناء- فأبق عبد لرجل من بني أبي ربيعة، إن إخوتكم قد أرادوا طلبكم فانمازوا «٢» عنهم. قال: ففارقوهم وساروا حتى نزلوا بمبايض، ماء لهم- ومبايض علم من وراء الدهناء- فأبق عبد لرجل من بني أبي ربيعة، فسار إلى بلاد تميم، فأخبرهم أن حياّ جديدا من بني بكر بن وائل نزول على مبايض، وهم بنو أبي ربيعة والحي الجديد المنتقى من قومه، فقال طريف العنبري: هؤلاء ثأري يا آل تميم، إنما هم أكلة رأس «٣» . وأقبل في بني عمرو بن تميم، وأقبل معه أبو الجدعاء، أحد بني طهية، وجاءه فدكي بن أعبد المنقري في جمع من بني سعد بن زيد مناة، فنذرت بهم بنو أبي ربيعة، فانحاز بهم هانيء بن مسعود وهو رئيسهم، إلى علم مبايض، فأقاموا عليه وشرقوا «٤» بالأموال والسّرح «٥» ، وصبّحتهم بنو تميم، فقال لهم طريف: أطيعوني وافرغوا من هؤلاء الأكلب يصف لكم ما وراءهم. فقال له أبو الجدعاء رئيس بني حنظلة، فدكي رئيس بن سعد بن مناة: أنقاتل أكلبا أحرزوا نفوسهم ونترك أموالهم؟ ما هذا يرأى، وأبوا عليه. فقال هانيء لأصحابه: لا يقاتل رجل منكم ولحقت تميم بالنعم والبغال فأغاروا عليها، فلما ملئوا أيديهم من الغنيمة قال هانيء بن مسعود لأصحابة: احملوا عليهم. فهزموهم وقتلوا طريفا العنبري، قتله حمصيصة الشيباني، وقال:
ولقد دعوت طريف دعوة جاهل ... سفها وأنت بمعلم قد تعلم
وأتيت حيا في الحروب محلّهم ... والجيش باسم أبيهم يستقدم