بناب من الإبل، فقطعتم الرحم، وانتهكتم الحرمة، وإنا كرهنا العجلة عليكم دون الإعذار إليكم، ونحن نعرض عليكم خلالا أربعا، لكم فيها مخرج، ولنا مقنع.
فقال مرة: وما هي؟ قال: تحيي لنا كليبا، او تدفع الينا جساسا قاتله فنقتله به، أو همّاما فإنه كفء له، أو تمكننا من نفسك، فإن فيك وفاء من دمه! فقال: أما إحيائي كليبا فهذا ما لا يكون، وأما جساس فإنه غلام طعن طعنة على عجل ثم ركب فرسه فلا أدري أيّ البلاد احتوى عليه، وأمّا همام فانه ابو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة، كلهم فرسان قومهم فلن يسلموه إليّ فادفعه اليكم يقتل بجريرة غيره. واما انا فهل هو إلا ان تجول الخيل جولة غدا فأكون اوّل قتيل فيها، فما أتعجل من الموت؟ ولكن لكم عندي خصلتان: أمّا إحداهما فهؤلاء بنيّ الباقون، فعلقوا في عنق ايهم شئتم نسعة «١» فانطلقوا به إلى رحالكم فاذبحوه ذبح الجزور، وإلا فالف ناقة سوداء المقل أقيم لكم بها كفيلا من بني وائل! فغضب القوم وقالوا: لقد أسأت، ترذل «٢» لنا ولدك وتسومنا اللبن من دم كليب.
ووقعت الحرب بينهم.
ولحقت جليلة زوجة كليب بأبيها وقومها، ودعت تغلب النمر بن قاسط «٣» فانضمت إلى بني كليب وصاروا يدا معهم على بكر، ولحقت بهم غفيلة بن قاسط، واعتزلت قبائل بكر بن وائل وكرهوا مجامعة بني شيبان ومساعدتهم على قتال إخوته، وأعظموا قتل جساس كليبا بناب من الإبل، فظعنت «٤» لجيم عنهم، وكفت يشكر عن نصرتهم، وانقبض الحارث بن عباد في أهل بيته، وهو أبو بجير وفارس النعامة.
وقال المهلهل يرثي كليبا:
بتّ ليلي بالأنعمين طويلا ... أرقب النجم ساهرا أن يزولا «٥»