للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهل عندك سيف فيه صرامة؟ قال: نعم. قال: هات سيفك أنظر إليه أصارم هو؟

فأعطاه إياه، فهزه البراض ثم ضربه به حتى قتله، ووضع السيف خلف الباب، وأقبل على الغنوي، فقال: ما وراءك؟ قال: لم أر أجبن من صاحبك، تركته قائما في الباب الذي فيه الرجل، والرجل نائم، لا يتقدم إليه ولا يتأخر عنه! قال الغنوي: يا لهفاه! لو كان أحد ينظر راحلتينا! قال البراض: هما عليّ إن ذهبتا، فانطلق الغنوي.

والبراض خلفه، حتى إذا جاوز الغنوي باب الخربة أخذ البراض السيف من خلف الباب ثم ضربه به حتى قتله، وأخذ سلاحيهما وراحلتيهما ثم انطلق.

وبلغ قريشا خبر البراض بسوق عكاظ، فخلصوا نجيا، واتبعتهم قيس لمّا بلغهم أن البراض قتل عروة الرّحال، وعلم قيس أبو براء عامر بن مالك، فأدركوهم وقد دخلوا الحرم، ونادوهم: يا معشر قريش، إنا نعاهد الله أن لا نبطل دم عروة الرحال أبدا ونقتل به عظيما منكم، وميعادنا وإياكم هذه الليالي من العام المقبل، فقال حرب بن أمية لأبي سفيان ابنه: قل لهم إن موعدكم قابل في هذا اليوم. فقال خداش بن زهير في هذا اليوم، وهو يوم نخلة:

يا شدّة ما شددنا غير كاذبة ... على سخينة لولا البيت والحرم

لما رأوا خيلنا تزجي أوائلها ... آساد غيل حمى أشبالها الأجم «١»

واستقبلوا بضراب لا كفاء له ... يبدي من الغرل الأكفال ما كتموا «٢»

ولّوا شلالا وعظم الخيل لا حقة ... كما تخبّ إلى أوطانها النعم «٣»

ولت بهم كل محضار ململمة ... كأنها لقوة بجنبها ضرم «٤»

وكانت العرب تسمي قريشا سخينة لأكلها السخن.