والله ما قال هذا رجل صالح. وكذبت عدوة الله عليها لعنة الله، بل لم يكن مرائيا ولكنه كان مصدورا «١» فنفث! وقدم عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك في رجال من أهل المدينة، فلما دخلوا عليه ذكروا حوائجهم فقضاها ثم التفت إلى عروة، فقال له: ألست القائل:
لقد علمت وخير القول أصدقه ... بأنّ رزقي وإن لم آت يأتيني
أسعى له فيعنّيني تطلّبه ... ولو قعدت أتاني لا يعنّيني «٢»
قال: فما أراك إلا قد سعيت له! قال: سأنظر في أمري يا أمير المؤمنين. وخرج عنه فجعل وجهته إلى المدينة، فبعث إليه بألف دينار، وكشف عنه فقيل له: قد توجه إلى المدينة! فبعث إليه بالألف دينار، فلما قدم عليه بها الرسول، قال له: أبلغ امير المؤمنين السلام، وقل له أنا كما قلت: قد سعيت وعييت في طلبه، وقعدت عنه فأتاني لا يعنّيني.
ومن قول عبد الله بن المبارك، وكان فقيها ناسكا شاعرا رقيق النسيب معجب التّشبيب حيث يقول:
زعموها سألت جارتها ... وتعرّت ذات يوم تبترد «٣»
أكما ينعتني تبصرنني ... عمركنّ الله أم لا يقتصد
فتضاحكن وقد قلن لها ... حسن في كلّ عين من يودّ
حسدا حمّلنه من شأنها ... وقديما في الحبّ الحسد
وقال شريح القاضي. وكان من جلّة التابعين، والعلماء المتقدمين، استقضاه على رحمه الله ومعاوية. وكان يزوج امرأة من بني تميم تسمى زينب، فنقم عليها فضربها، ثم ندم، فقال
رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلّت يميني يوم أضرب زينبا