للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستأذن لهم: لو أذنت للبعيث! فلم يأذن له، وقال: ليس كهؤلاء، إنما قال من الشعر يسيرا. قال: والله يا أمير المؤمنين إنه لشاعر. فأذن له، فلما مثل بين يديه، قال: يا أمير المؤمنين. إن هؤلاء ومن ببابك قد ظنوا أنك انما أذنت لهم دوني لفضل لهم عليّ. قال: أولست تعلم ذلك؟ قال: لا والله، ولا علمه الله لي، قال: فأنشدني من شعرك. قال: أما والله حتى أنشدك من شعر كل رجل منهم ما يفضحه! فأقبل على الفرزدق، فقال: قال هذا الشيخ الاحمق لعبد بني كليب:

بأيّ رشاء يا جرير وماتح ... تدلّيت في حومات تلك القماقم «١»

فجعله تدلى عليه وعلى قومه من عل وإنما يأتيه من تحته لو كان يعقل.

وقد قال هذا كلب بني كليب:

لقومي أحمى للحقيقة منكم ... وأضرب للجبّار والنقع ساطع «٢»

واوثق عند المردفات عشيّة ... لحاقا إذا ما جرد السّيف لامع «٣»

فجعل نساءه لا يثقن بلحاقه إلا عشية وقد نكحن وفضحن.

وقال هذا النصرانيّ ومدح رجلا يسمى قينا فهجاه ولم يشعر، فقال:

قد كنت أحسبه قينا وأنبؤه ... فالآن طيّر عن أثوابه الشّرر

وقال ابن رمية ودفع أخاه إلى مالك بن ربيعيّ بن سلمى فقتل، فقال:

مددنا وكانت ضلة من حلومنا ... تبدي إلى أولاد ضمرة أقطعا

فمن يرجو خيره وقد فعل بأخيه ما فعل؟ فجعل الوليد يعجب من حفظه لمثالب القوم وقوة قلبه، وقال له: قد كشفت عن مساوىء القوم، فأنشدني من شعرك.

فأنشده، فاستحسن قوله ووصله وأجزل له.