الاعتماد ليس علة؛ لأنه غير مخالف لأجزاء الحشو كلها، وإنما خالفها في الحسن والقبح وليس اختلاف الحسن والقبح علة، ونحن نجد الاعتماد في الشعر كثيرا؛ من ذلك البيت الذي جاء به الخليل:
أعنّي على برق- أراه- وميض ... يضيّ حبيّا في شماريخ بيض «٢»
ويخرج منه لامعات كأنها ... أكف تلقّى الفوز عند المفيض «٣»
وإنما زعم الخليل أن المعتل ما كان مخالفا لأجزاء حشوه بزحاف أو سلامة ولم يقل بحسن أو قبح؛ أر ترى أن القبض في مفاعيلن في الطويل حسن، والكف فيه قبيح؛ والقبض في مفاعيلن في الهزج قبيح، والكف فيه حسن؛ والاعتماد في المتقارب- على ضد ما هو في الطويل السالم- فيه حسن، والقبض فيه قبيح؟
فإذا اعتل أول البيت سمي ابتداء؛ وإذا اعتل وسطه وهو العروض سمي فصلا، وإذا اعتل الطرف- وهو في القافية- سمي غاية؛ وإذا لم يعتل أوله ولا وسطه ولا آخره سمي حشوا كله.
وما كان من الأنصاف مستوفيا لدائرته وآخر جزء منه بمنزلة الحشو من الآخر فهو التام؛ وما كان من الأنصاف لم يذهب به الانتقاص فهو مجزوء، وما كان من الأنصاف مقفّى فهو مصرّع؛ فإن كانت الكلمة كلها كذلك فهو مشطور؛ فإذا لم يبق منه إلا جزآن فهو المنهوك، وإذا اختلفت القوافي واختلطت وكانت حيزا من كلمة واحدة فهو المخمّس؛ وإذا كانت أنصاف على قواف يجمعها قافية واحدة ثم تعاد لمثل ذلك حتى تنقضي القصيدة، فهو المسمّط.