يبيت يمصّ عتيق الشراب ... كمصّ الوليد يخاف الفصالا «١»
ويصبح مضطربا ناعسا ... تخال من السّكر فيه احولالا
ويمشي ضعيفا كمشي النزيف ... تخال به حين يمشي شكالا»
وممن شهر بالشراب عبد الرحمن بن عبد اللَّه الثقفي القاضي بالكوفة، وفضح بمنادمة سعد بن هبّار، وفيه يقول حارثة بن بدر:
نهاره في قضايا غير عادلة ... وليله في هوى سعد بن هبّار
ما يسمع الناس أصواتا لهم عرضت ... إلا دويّا، دويّ النحل في الغار
يدين أصحابه فيما يدينهم ... كأسا بكأس وتكرارا بتكرار
فأصبح الناس اطلاحا أضرّ بهم ... حث المطيّ وما كانوا بسفّار «٣»
ومنهم أبو محجن الثقفي، وكان مغرما بالشراب، وقد حده سعد بن أبي وقاص في الخمر مرارا، وشهد القادسية مع سعد، وأبلى فيها بلاء حسنا؛ وهو القائل:
إذا مت فادفّني إلى ظلّ كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة، فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ثم حلف بالقادسية ألا يشرب خمرا أبدا، وأنشأ يقول:
إن كانت الخمر قد عزّت وقد منعت ... وحال من دونها الإسلام والحرج
فقد أباكرها صهباء صافية ... طورا، وأشربها صرفا وأمتزج «٤»
وقد تقوم على رأسي مغنّية ... فيها إذا رفعت من صوتها غنج
فتخفض الصوت أحيانا وترفعه ... كما يطنّ ذباب الرّوضة الهزج
ومنهم عبد الملك بن مروان، وكان يسمى حمامة المسجد، لاجتهاده في العبادة قبل