فأتاه وفد قريش، فيهم: عبد المطلب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس، وأسد بن عبد العزّى، وعبد الله بن جدعان، فقدموا عليه وهو في قصر له يقال له غمدان، وله يقول أبو الصلت، والد أمية ابن أبي الصلت:
لم يدرك الثأر أمثال ابن ذي يزن ... لجّج في البحر للأعداء أحوالا «١»
أتى هرقل وقد شالت نعامته ... فلم يجد عنده القول الذي قالا «٢»
ثم انثنى نحو كسرى بعد تاسعة ... من السّنين لقد أبعدت إيغالا
حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم ... إنك عمري لقد أسرعت إرقالا «٣»
من مثل كسرى وبهرام الجنود له ... ومثل وهرز يوم الجيش إذ جالا
لله درهم من عصبة خرجوا ... ما إن رأينا لهم في الناس أمثالا
صيدا جحاجحة، بيضا خصارمة ... أسدا تربّب في الغابات أشبالا «٤»
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد ... غادرت أوجههم في الأرض أفلالا»
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا ... في رأس غمدان دارا منك محلالا
ثم اطل بالمسك إذ شالت نعامتهم ... وأسبل اليوم في برديك إسبالا «٦»
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا «٧»
فطلبوا الإذن عليه، فأذن لهم، فدخلوا، فوجدوه متضمّخا بالعنبر، يلمع وبيص المسك في مفرق رأسه، وعليه بردان أخضران قد ائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، وسيفه بين يديه، والملوك عن يمينه وشماله، وأبناء الملوك والمقاول.
فدنا عبد المطلب فاستأذنه في الكلام، فقال له: قل. فقال: إنّ الله تعالى أيها