يأيها الرّجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إنّي قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أني لدي الباب كالمصفود في قرن «١»
وحش المكانة من أهلي ومن ولدي ... نائي المحلّة عن داري وعن وطني
قال: نعم أبا حزرة ونعمى عين. فلما دخل على عمر قال: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء ببابك؛ وأقوالهم باقية؛ وسنانهم مسنونة. قال: يا عون، مالي وللشعراء؟ قال:
يا أمير المؤمنين، إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد مدح وأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم. قال: ومن مدحه؟ قال: عباس بن مرداس؛ فكساه حلّة قطع بها لسانه. قال: وتروي قوله؟
قلت: نعم:
رأيتك يا خير البريّة كلّها ... نشرت كتابا جاء بالحقّ معلما
ونوّرت بالبرهان أمرا مدمّسا ... وأطفأت بالبرهان نارا مضرّما «٢»
فمن مبلغ عنيّ النبيّ محمدا ... كلّ امريء يجزي بما قد تكلما
تعالى علواّ فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما
قال: صدقت؛ فمن بالباب منهم؟ قال: ابن عمك عمر بن أبي ربيعة. قال: لا قرّب الله قرابته، ولا حيّا وجهه! أليس هو القائل؟
ألا ليت أنّي يوم حانت منيّتي ... شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كله ... وليت حنوطي من مشاشك والدم «٣»
ويا ليت سلّمى في القبور ضجيعتي ... هنالك أو في جنة أو جهنّم
فليته والله تمنى لقاءها في الدنيا، ويعمل عملا صالحا. والله لا دخل عليّ أبدا فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جميل بن معمر العذري. قال: هو الذي يقول:
ألا ليتنا نحيا جميعا وإن نمت ... يوافي لدى الموتى ضريحي ضريحها