اعزب به. فو الله لا وطيء لي بساطا أبدا وهو كافر؛ فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جرير بن الخطفي. قال: أليس هو القائل:
لولا مراقبة اليعون أريننا ... مقل المها وسوالف الآرام «١»
هل ينهينك أن قتلن مرقّشا ... أو ما فعلن بعروة بن حزام
ذمّ المنازل بعد منزلة الّلوى ... والعيش بعد أولئك الأقوام
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين الزّيارة فارجعي بسلام
فإن كان ولا بد فهذا. فأذن له؛ فخرجت إليه فقلت: ادخل أبا حزرة. فدخل وهو يقول:
إنّ الذي بعث النبيّ محمدا ... جعل الخلافة في إمام عادل
وسع الخلائق عدله ووفاؤه ... حتى ارعوى وأقام ميل المائل
والله أنزل في القران فريضة ... لابن السبيل وللفقير العائل
إني لأرجو منك خيرا عاجلا ... والنّفس مولعة بحبّ العاجل
فلما مثل بين يديه قال: اتق الله يا جرير ولا تقل إلا حقا. فأنشأ يقول:
كم باليمامة من شعثاء أرملة ... ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممن يعدّك تكفي فقد والده ... كالفرخ في العيشّ لم ينهض ولم يطر
يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به ... خبلا من الجنّ أو مساّ من النّشر «٢»
خليفة الله ماذا تأمرنّ بنا ... لسنا إليكم ولا في دار منتظر
ما زلت بعدك في هم يؤرّقني ... قد طال في الحيّ إصعادي ومنحدري
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا ... ولا يعود لنا باد على حضر
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما نرجو من المطر
نال الخلافة إذ كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر
هذي الأرامل قد قضّيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر