فأجابه محمد بن يزيد بن مسلمة، وكان من أصحابه وآثرهم عنده، ثم اعتذر إليه وزعم أنه لم يدعه إلى إجابته إلا قوله:
من يسامي مجده قولوا
فأمر له بمائة ألف وزاده أثرة ومنزلة:
لا يرعك القال والقيل ... كلّ ما بلّغت تضليل
ما هوى لي كنت أعرفه ... بهوى غيرك موصول
أيخون العهد ذو ثقة ... لا يخون العهد متبول «١»
حمّلتني كلّ لائمة ... كلّ ما حمّلت محمول
واحكمي ماشئت واحتكمي ... فحرامي لك تحليل
أين لي عنك إلى بدل ... لا بديل منك مقبول
ما لداري منك مقفرة ... وضميري منك مأهول
وبدت يوم الوداع لنا ... غادة كالشمس عطبول «٢»
تتعاطى شدّ مئزرها ... ونطاق الخصر محلول
شملنا إذ ذاك مجتمع ... وجناح البين مشكول «٣»
ثم ولّت كي تودّعنا ... كحلها بالدمع مغسول
أيّها البادي بطيّته ... ما لأغلاطك تحصيل
قد تأوّلت على جهة ... ولنا ويحك تأويل
إنّ دلّيلاك يوم غدا ... بك في الحين لضلّيل
قاتل المخلوع مقتول ... ودم القاتل مطلول
قد يخون الرّمح عامله ... وسنان الرّمح مصقول
وينال الوتر طالبه ... بعد ما تسلوا المثاكيل «٤»