وكتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة. لأغزينّك جنودا مائة ألف ومائة ألف.
فكتب عبد الملك إلى الحجاج أن يبعث إلى عبد الله بن الحسن ويتوعده ويكتب إليه بما يقول. ففعل، فقال عبد الله بن الحسن:«إن لله عزّ وجل لوحا محفوظا يلحظه كل يوم ثلاثمائة لحظة، ليس منها لحظة إلا يحيي فيها ويميت ويعز ويذلّ ويفعل ما يشاء، وإني لأرجو أن يكفينيك منها بلحظة واحدة!» فكتب به الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، وكتب به عبد الملك إلى ملك الروم.
فلما قرأه قال: ما خرج هذا إلا من كلام النبوة.
بعث ملك الهند إلى هارون الرشيد بسيوف قلعيّة، وكلاب سيورية، وثياب من ثياب الهند.
فلما أتته الرسل بالهدية أمر الأتراك فصفّوا صفين ولبسوا الحديد حتى لا يرى منهم إلا الحدق، وأذن للرّسل فدخلوا عليه، فقال لهم: ما جئتم به؟ قالوا: هذه أشرف كسوة بلدنا. فأمر هارون القطّاع بأن يقطع منها جلالا وبراقع كثيرة لخيله فصلّب الرّسل على وجوههم، وتذمّموا ونكسوا رءوسهم. ثم قال لهم الحاجب: ما عندكم غير هذا؟ قالوا له: هذه سيوف قلعية لا نظير لها. فدعا هارون بالصّمصامة سيف عمرو بن معد يكرب، فقطعت به السيوف بين يديه سيفا سيفا كما يقطّ الفجل، من غير أن تنثني له شفرة، ثم عرض عليهم حدّ السيف فإذا لا فلّ فيه؛ فصلّب القوم على وجوههم.
ثم قال لهم: ما عندكم غير هذا؟ قالوا: هذه كلاب سيورية لا يلقاها سبع إلا عقرته. فقال لهم هارون: فإن عندي سبعا، فإن عقرته فهي كما ذكرتم. ثم أمر بالأسد فأخرج إليهم، فلما نظروا إليه هالهم، وقالوا: ليس عندنا مثل هذا السّبع في بلدنا! قال لهم هارون: هذه سباع بلدنا. قالوا فنرسلها عليه. وكانت الأكلب ثلاثة، فأرسلت عليه فمزّقته، فأعجب بها هارون، وقال لهم، تمنّوا في هذه الكلاب ما شئتم