وقالوا: ما قرن شيء إلى شيء، أفضل من حلم إلى علم. ومن عفو إلى قدرة.
وقالوا: من تمام آلة العالم أن يكون شديد الهيبة، رزين المجلس، وقورا صموتا، بطيء الالتفات، قليل الإشارات، ساكن الحركات، لا يصخب ولا يغضب، ولا يبهر «١» في كلامه، ولا يمسح عثنونه «٢» عند كلامه في كل حين؛ فإن هذه كلّها من آفات العيّ.
ومدح خالد بن صفوان رجلا، فقال: كان بديع المنطق، جزل الألفاظ، عربيّ اللسان، قليل الحركات، حسن الإشارات، حلو الشمائل، كثير الطلاوة، صموتا وقورا، يهنأ الجرب، ويداوي الدّبر، ويقلّ الحزّ، ويطبّق المفصل؛ لم يكن بالزمر المروءة، ولا الهذر المنطق، متبوعا غير تابع.
كأنّه علم في رأسه نار
وقال عبد الله بن المبارك في مالك بن أنس رضي الله عنه:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة ... فالسائلون نواكس الأذقان
هدي الوقار وعزّ سلطان التّقى ... فهو المهيب وليس ذا سلطان
وقال عبد الله بن المبارك فيه أيضا:
صموت إذا ما الصمت زيّن أهله ... وفتّاق أبكار الكلام المختّم
وعى ما وعى القرآن من كلّ حكمة ... وسيطت له الآداب باللحم والدم «٣»