ينكر الحكومة ولا يرى رأيهم، وكان إذا جلس فتمكن في مجلسه ذكر عثمان فترّحم عليه ثلاثا، ولعن قتلته ثلاثا، ثم يذكر عليّا فيقول: لم يزل عليّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه مظفّرا مؤيّدا بالنّعم حتى حكم. ثم يقول: ولم تحكّم والحق معك! ألا تمضي قدما لا أبالك؟
وهذ الكلمة وإن كان فيها جفاء فإن بعض العرب يأتي بها على معنى المدح فيقول: انظر في أمر رعيتك لا أبالك! وقال أعرابي:
ربّ العباد مالنا ومالكا ... قد كنت تسقينا فقد بدالكا
أنزل علينا الغيث لا أبالكا!
وقال ابن أبي الحواريّ: قلت لسفيان: بلغني في قول الله عز وجل: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
«١» أنه الذي يلقى الله وليس في قلبه أحد غيره. قال: فبكى وقال: ما سمعت منذ ثلاثين سنة أحسن من هذا.
وقال ابن المبارك: كنت مع محمد بن النضر الحارثي في سفينة، فقلت: بأي شيء أستخرج منه الكلام؟ فقلت: ما تقول في الصوم في السفر؟ قال: إنما هي المبادرة يا بن أخي. فجاءني والله بفتيا غير فتيا إبراهيم والشعبي.
وقال الفضيل بن عياض: اجتمع محمد بن واسع ومالك بن دينار في مجلس بالبصرة؛ فقال مالك بن دينار: ما هو إلا طاعة الله أو النار. فقال محمد بن واسع لمن كان عنده: كنا نقول: ما هو إلا طاعة الله أو النار. فقال محمد بن واسع لمن كان عنده: كنا نقول: ما هو إلا عفو الله أو النار. قال مالك بن دينار: إنه ليعجبني أن تكون للإنسان معيشة قدر ما يقوته.
فقال محمد بن واسع: ما هو إلا كما تقول، ليس يعجبني أن يصبح الرجل وليس له غداء، ويمسى وليس له عشاء، وهو مع ذلك راض عن الله عز وجل.