ومن أبصر عيب نفسه عمي عن عيب غيره، ومن سلّ سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن نسي زلته استعظم زلّة غيره، ومن هتك حجاب غيره انهتكت عورات بينه، ومن كابر في الأمور عطب، ومن اقتحم الّلجج غرق، ومن أعجب برأيه ضلّ، ومن استغنى بعقله زلّ، ومن تجبّر على الناس ذلّ، ومن تعمّق في العمل ملّ، ومن صاحب الأنذال حقّر، ومن جالس العلماء وقّر، ومن دخل مداخل السوء اتّهم، ومن حسن خلقه سهلت له طرقه. ومن حسن كلامه كانت الهيبة أمامه، ومن خشي الله فاز؛ ومن استقاد الجهل ترك طريق العدل، ومن عرف أجله قصر أمله، ثم أنشأ يقول:
إلبس أخاك على عيوبه ... واستر وغطّ على ذنوبه
واصبر على بهت السّفي ... هـ وللزّمان على خطوبه «١»
ودع الجواب تفضّلا ... وكل الظلوم إلى حسيبه «٢»
وقال شبيب بن شيبة: اطلبوا الأدب فإنه مادة العقل، ودليل على المروءة، وصاحب في الغربة، ومؤنس في الوحشة، وحلية في المجلس، ويجمع لكم القلوب المختلفة.
وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: عليكم بطلب الأدب؛ فإنّكم إن احتجتم إليه كان لكم مالا، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالا.
وقال بعض الحكماء: اعلم أنّ جاها بالمال إنما يصحبك ما صحبك المال، وجاها بالأدب غير زائل عنك.
وقال ابن المقفّع: إذا أكرمك الناس لمال أو لسلطان فلا يعجبك ذلك: فإن الكرامة تزول بزوالها، ولكن ليعجبك إذا أكرموك لدين أو أدب.