وقول عمران بن حطان هذا يحتمل غير هذا المعنى، إلا أن هذا أقرب إليه وأشبه به، لأنه أراد أنه مع اليماني يماني، ومع العدناني عدناني، فيحتمل أن ذلك لخوف منه أو مساعدة؛ وكل ذلك داخل في باب الحنكة والحذق والتجربة.
وقالوا: اصحب البرّ لتتأسّى به، والفاجر لتتحنّك به.
وقالوا: من لم يصحب البرّ والفاجر ولم يؤدبه الرخاء والشدة، ولم يخرج من الظل إلى الشمس مرة، فلا ترجه.
ومن هذا قولهم: حلب فلان الدهر أشطره، وشرب أفاويقه. إذا فهم خيره وشرّه، فإذا نزل به الغنى عرفه ولم يبطره، وإذا نزل به البلاء صبر له ولم ينكره.
وقال هدبة العذريّ:
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتقلب
ولا أتمنى الشرّ والشرّ تاركي ... ولكن متى أحمل على الشرّ أركب
وقال عبد العزيز بن زرارة في هذا المعنى:
قد عشت في الدهر أطوارا على طرق ... شتّى فصادفت منه اللين والفظعا
كلّا عرفت فلا النّعماء تبطرني ... ولا تخشّعت من لأوائه جزعا «١»
لا يملأ الأمر صدري قبل وقعته ... ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا
وقال آخر:
فإن تهدموا بالغدر داري فإنّها ... تراث كريم لا يخاف العواقبا
إذا همّ ألقي بين عينيه عزمه ... وأضرب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر في أمره غير نفسه ... ولم يرض إلّا قائم السيف صاحبا «٢»
سأغسل عنّي العار بالسيف جالبا ... عليّ قضاء الله ما كان جالبا
وسئلت هند عن معاوية، فقالت: والله لو جمعت قريش من أقطارها ثم رمي به