للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أن المقام بالمقام الواحد يورث الملالة.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم «زر غبّا» تزدد حبّا «١» .

وقالت الحكماء: لا تنال الراحة إلا بالتّعب، ولا تدرك الدّعة إلا بالنّصب.

وقال حبيب:

بصرت بالرّاحة العظمى فلم ترها ... تنال إلّا على جسر من التّعب

وقال أيضا:

على أنّني لم أحو وفرا مجمّعا ... ففزت به إلا بشمل مبدّد

ولم تعطني الأيام نوما مسكّنا ... ألذّ به إلا بنوم مشرّد

وقال أيضا:

وركب كأطراف الأسنّة عرّسوا ... على مثلها والليل تسطو غياهبه «٢»

لأمر عليهم أن تتمّ صدوره ... وليس عليهم أن تتمّ عواقبه

وبعد فهل يجوز في وهم أو يتمثل في عقل أو يصحّ في قياس، أن يحصد زرع بغير بذر، أو تجنى ثمرة بغير غرس، أو يوري زند بغير قدح، أو يثمر مال بغير طلب؟.

ولهذا قال الخليل بن أحمد: لا تصل إلى ما تحتاج إليه إلا بالوقوف على ما لا تحتاج إليه، فقال له أبو شمر المتكلّم: فقد احتجت إذا إلى ما لا تحتاج إليه، إذ كنت لا تصل إلى ما تحتاج إليه إلا به. قال الخليل: ويحك! وهل يقطع السيف الحسام إلا بالضرب، أو يجري الجواد إلا بالرّكض، أو هل تنال نهاية إلا بالسعي إليها والإيضاع نحوها. وقد يكون الإكداء «٣» مع الكد، والخيبة مع الهيبة.