للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من نظرت عينه إليّ فقد ... أحاط علما بما حوته يدي

وكان أبو الشّمقمق الشاعر أديبا طريفا محارفا «١» صعلوكا متبرّما، قد لزم بيته في أطمار مسحوقة، وكان إذا استفتح عليه أحد بابه خرج، فنظر من فرج الباب، فإن أعجبه الواقف فتح له، وإلّا سكت عنه، فأقبل إليه بعض إخوانه فدخل عليه، فلما رأى سوء حاله، قال له: أبشر أبا الشمقمق، فإنا روينا في بعض الحديث أن العارين في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة. قال: إن كان والله ما تقول حقا لأكوننن بزّازا يوم القيامة، ثم أنشأ يقول.

أنا في حال تعالى لله ... ربي أيّ حال

ولقد أهزلت حتى ... محت الشمس خيالي

من رأى شيئا محالا ... فأنا عين المحال

ليس لي شيء إذ قي ... ل لمن ذا قلت ذا لي

ولقد أفلست حتى ... حلّ أكلي لعيالي

في حر امّ الناس طرّا ... من نساء ورجال

لو أرى في الناس حرّا ... لم أكن في ذا المثال

وقال أيضا:

أتراني أرى من الدهر يوما ... لي فيه مطيّة غير رجلي

كلما كنت في جميع فقالوا ... قرّبوا للرّحيل قرّبت نعلي

حيثما لا أخلّف رحلا ... من رآني فقد رآني ورحلي

وقال أيضا:

لو قد رأيت سريري كنت ترحمني ... الله يعلم مالي فيه تلبيس «٢»

والله يعلم مالي فيه شابكة ... إلّا الحصيرة والأطمار والدّيس «٣»