فلو أنني أرمى بنبل رأيتها ... ولكنّني أرمى بغير سهام
على الراحتين تارة وعلى العصا ... أنوء ثلاثا بعدهنّ قيامي
قال له الشعبي: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كما قال لبيد بن ربيعة، وقد بلغ سبعين سنة:
كأني وقد جاوزت سبعين حجّة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
فلما بلغ سبعا وسبعين سنة قال:
باتت تشكّي إليّ النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثلاث وفاء للثمانينا
فلما بلغ مائة سنة قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الخلق كيف لبيد
فلما بلغ مائة سنة وعشرا قال:
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر
فلما بلغ ثلاثين ومائة وقد حضرته الوفاة قال:
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر
فقوما فقولا بالذي تعلمانه ... ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر
وقولا هو المرء الذي لا صديقه ... أضاع ولا خان الخليل ولا غدر
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
قال الشعبي: فلقد رأيت السرور في وجه عبد الملك طمعا أن يعيشها.
وقال لبيد أيضا:
أليس ورائي إن تراخت منيّتي ... لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
أخبّر أخبار القرون التي مضت ... أدبّ كأنّي كلّما قمت راكع