من إدراك ما فات من منطقك، واحفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء، فحسن التدبير مع الاقتصاد أبقى لك من الكثير مع الفساد والحرفة «١» مع العفة خير من الغنى مع الفجور، والمرء أحفظ لسره، ولربما سعى فيما يضره، وإياك والاتكال على الأماني، فإنها بضائع النّوكى «٢» ، وتثبّط عن الآخرة والأولى، ومن خير حظ الدنيا القرين الصالح، فقارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم، ولا يغلبنّ عليك سوء الظن، فإنه لن يدع بينك وبين خليل صلحا. أذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب، واعلم أن كفر النعمة لؤم، وصحبة الأحمق شؤم، ومن الكرم منع الحرم، ومن حلم ساد، ومن تفهم ازداد. امحض أخاك النصيحة «٣» ، حسنة كانت أو قبيحة. لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، وليس جزاء من سرك أن تسوءه. الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك، واعلم يا بني أنه مالك من دنياك إلا ما أصلحت به في مثواك، فأنفق من خيرك. ولا تكن خازنا لغيرك، وإن جزعت على ما يفلت من يديك، فاجزع على ما لم يصل إليك ربما أخطأ البصير قصده، وأبصر الأعمى رشده، ولم يهلك امرؤ اقتصد، ولم يفتقر من زهد. من ائتمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه. رأس الدين اليقين، وتمام الإخلاص اجتناب المعاصي، وخير المقال ما صدّقه الفعال. سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار، واحمل لصديقك عليك، واقبل عذر من اعتذر إليك، وأخرّ الشر ما استطعت، فإنك إذا شئت تعجلته. لا يكن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته، وعلى الإساءة أقوى منك على الإحسان. لا تملّكنّ المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة، فإنّ ذلك أدوم لحالها، وأرخى لبالها، واغضض بصرها بسترك، واكففها بحجابك، وأكرم الذين بهم تصول، فإذا تطاولت «٤» تطول. أسأل الله أن يلهمك الشكر والرشد: ويقويّك على العمل بكل خير، ويصرف عنك كل محذور برحمته. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.