بأفعى في داخلها، فلسعته، فلما أحس بالموت استلقى على قفاه. ثم أنشأ يقول
دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي ... بذي الطّبسين فالتفتّ ورائيا «١»
فما راعني إلا سوابق عبرة ... تقنّعت منها أن ألام ردائيا
ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى ... وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا
فلله درّي حين أترك طائعا ... بنيّ بأعلى الرّقمتين وماليا
ودرّ الكبيرين اللذين كلاهما ... عليّ شفيق ناصح قد نهانيا
ودرّ الظّباء السّانحات عشيّة ... يخبّرن أني هالك من أماميا
تقول ابنتي لمّا رأت وشك رحلتي ... سفارك هذا تاركي لا أباليا
ألا ليت شعري هل بكت أمّ مالك ... كما كنت لو عالوا نعيّك باكيا
إذا متّ فاعتادي القبور وسلّمي ... عليهنّ أسقين السّحاب الغواديا
تري جدثا قد جرّت الريح فوقه ... ترابا كسحق المرنبانىّ هابيا «٢»
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فاحفرا ... برابية إني مقيم لياليا
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي ... وردّا على عينيّ فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما ... من الأرض ذات العرض أن توسعاليا
خذاني فجرّاني ببردي إليكما ... فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
تفقّدت من يبكي عليّ فلم أجد ... سوى السّيف والرّمح الرديني باكيا
وأدهم غربيب يجرّ لجامه ... إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا «٣»
وبالرّمل لو يعلمن علمي نسوة ... بكين وفدّين الطبيب المداويا
عجوزي وأختاي اللّتان أصيبتا ... بموتي وبنت لي تهيج البواكيا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
تحمّل أصحابي عشاء وغادروا ... أخا ثقة في عرصة الدّار ثاويا «٤»