ومن قولي فيه أيضا:
واكبدا قد قطّعت كبدي ... وحرّقتها لواعج الكمد
ما مات حيّ لّمت أسفا ... أعذر من والد على ولد
يا رحمة الله جاوري جدثا ... دفنت فيه حشاشتي بيدي
ونوّرى ظلمة القبور على ... من لم يصل ظلمه إلى أحد
من كان خلوا من كلّ بائقة ... وطيّب الرّوح طاهر الجسد
يا موت، يحيى لقد ذهبت به ... ليس بزمّيلة ولا نكد «١»
يا موته لو أقلت عثرته ... يا يومه لو تركته لغد
يا موت لو لم تكن تعاجله ... لكان لا شكّ بيضة البلد «٢»
أو كنت راخيت في العنان له ... حاز العلا واحتوى على الأمد «٣»
أيّ حسام سلبت رونقه ... وأيّ روح سللت من جسد
وأيّ ساق قطعت من قدم ... وأيّ كفّ ازلت من عضد
يا قمرا أجحف الخسوف به ... قبل بلوغ السواء في العدد»
أيّ حشى لم يذب له أسفا ... وأيّ عين عليه لم تجد «٥»
لا صبر لي بعده ولا جلد ... فجعت بالصبر فيه والجلد
لو لم أمت عند موته كمدا ... لحقّ لي أن أموت من كمدي
يا لوعة لا يزال لاعجها ... يقدح نار الأسى على كبدي «٦»
وقلت فيه أيضا:
قصد المنون له فمات فقيدا ... ومضى على صرف الخطوب حميدا
بأبي وأمي هالكا أفردته ... قد كان في كلّ العلوم فريدا
سود المقابر أصبحت بيضا به ... وغدت له بيض الضمائر سودا