وهل نحن إلا أنفس مستعارة ... تمرّ بها الرّوحات والغدوات
بكيت وأعطتك البكاء مصيبة ... مضت وهي فرد ما لها أخوات
كأنك فيها لم تكن تعرف العزا ... ولم تتعمد غيرك النّكبات
سقى الضاحك الوسميّ أعظم حفرة ... طواها الردي في اللّحد وهي رفات
أرى بهجة الدنيا رجيع دوائر ... لهنّ اجتماع مرة وشتات»
طوى أيدي المعروف مصرع مالك ... فهنّ عن الآمال منقبضات
وقال أيضا:
أما القبور فإنهن أوانس ... بجوار قبرك والديار قبور
عمّت فواضله وعمّ مصابه ... فالناس فيه كلهم مأجور
ردّت صنائعه إليه حياته ... فكأنه من نشرها منشور
وقال أشجع بن عمرو السّلمي يرثي منصور بن زياد:
يا حفرة الملك المؤمّل رفده ... ما في ثراك من النّدى والخير؟
لا زلت في ظلين ظلّ سحابة ... وطفاء دانية وظلّ حبور «٢»
وسقى الوليّ على العهاد عراص ما ... والاك من قبر ومن مقور «٣»
يا يوم منصور أبحت حمى النّدى ... وفجعته بوليّه المذكور
يا يومه ماذا صنعت بمرمل ... يرجو الغنى ومكبّل مأسور
يا يومه لو كنت جئت بنصحه ... فجمعت بين الحيّ والمقبور!
لله أوصال تقسّمها البلى ... في الّلحد بين صفائح وصخور
عجبا لخمسة أذرع في خمسة ... غطّت على جبل أشمّ كبير
من كان يملأ عرض كلّ تنوفة ... واراه جولا ملحد محفور «٤»
ذلّت بمصرعه المكارم والنّدى ... وذباب كلّ مهنّد مأثور
أفلت نجوم بني زياد بعد ما ... طلعت بنور أهلّة وبدور