للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أُمِّ عطيةَ قالتْ: أخذَ علينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا ننوحَ. متفقٌ عليهِ). كانَ أخذُه عليهنَّ ذلكَ وقتَ المبايعةِ على الإسلامِ، والحديثانِ دالَّانِ على تحريمِ النياحةِ، وتحريمِ استماعِها؛ إذْ لا يكونُ اللعنُ إلا على محرَّمٍ.

وفي البابِ عن ابن مسعودٍ قال: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ منا مَنْ ضربَ الخدودَ، وشقَّ الجيوبَ، ودعا بدعوى الجاهليةِ" متفقٌ عليهِ (١). وأخرجا (٢) منْ حديث أبي موسى: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أنا بريءٌ ممنْ حلقَ وسلقَ وخرقَ". وفي البابِ غيرُ ذلكَ.

ولا يعارضُ ذلكَ ما أخرجَ أحمدُ (٣)، وابنُ ماجة (٤)، وصحَّحهُ الحاكمُ (٥) عن ابن عمرَ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بنساءِ ابن عبدِ الأشهلِ يبكينَ هَلْكَاهُنَّ يومَ أُحُد، فقالَ: لكنَّ حمزةَ لا بواكيَ [له] (٦)، فجاء نساءُ الأنصارِ يبكينَ حمزةَ. الحديثَ"، فإنهُ منسوخ بما في آخرهِ بلفظِ: "فلا تبكينَ على هالكٍ بعدَ اليومِ". وهوَ يدلُّ على أنهُ عبَّرَ عن النياحةِ بالبكاءِ، فإنَّ البكاءَ غيرُ منْهى عنهُ كما يدلُّ بهِ ما أخرجهُ النسائيُّ (٧) عنْ أبي هريرةَ قالَ: "ماتَ ميتٌ منْ آلِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فاجتمعَ النساءُ يبكينَ عليهِ، فقامَ عمرُ ينهاهنَّ ويطردُهنَّ، فقالَ لهُ - صلى الله عليه وسلم -: دعْهنَّ يا عمرُ، فإنَّ العينَ تدمعُ، والقلبُ مصابٌ، والعهدُ قريبٌ"، والميتُ هي زينبُ بنتُهُ - صلى الله عليه وسلم - كما صرَّحَ بهِ


(١) البخاري (١٢٩٧)، ومسلم (١٦٥/ ١٠٣).
(٢) البخاري (١٢٩٦) معلقًا، ومسلم (١٠٤).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣١٣٠)، والنسائي (٤/ ٢٠).
• السلق: رفع الصوت عند المصيبة.
• الخرق: خرق الثوب عند المصيبة.
(٣) في "المسند" (٢/ ٤٠، ٨٤، ٩٢).
(٤) في "المسند" (١٥٩١) بإسناد حسن.
(٥) في "المستدرك" (٣/ ١٩٤ - ١٩٥) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(٦) زيادة من (أ): وهي في كتب الحديث أيضًا.
(٧) في "السنن" (٤/ ١٩) وفي سنده سلمة بن الأزرق وهو مجهول. قال ابن القطان: لا يعرف حاله ولا أعرف أحدًا من المصنفين في كتب الرجال ذكره. قال الحافظ في "التهذيب" (٤/ ١٢٤ رقم ٢٣٩): "قال: أظن أنه والد سعيد بن سلمة رواي حديث القلَّتين والله أعلم.