للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحديثُ دليلٌ عَلَى جَوازِ خروجِ المعتدَّةِ منْ طلاقٍ بائنٍ من مَنْزِلِها في النهارِ للحاجةِ إلى ذلكَ ولا يجوزُ لغيرِ حاجةٍ. وقدْ ذهبَ إلى ذلكَ طائفةٌ منَ العلماءِ وقالُوا: يجوزُ الخروجُ للحاجةِ والعذْرِ ليلًا ونَهَارًا كالخوفِ وخَشْيَةِ انهدامِ المنزلِ، ويجوزُ إخراجُها إذا تأذَّتْ بالجيرانِ أو تأذَّوا بِها أذَىً شديدًا، لقولِه تعالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (١)، وفسَّرَ الفاحشةَ بالبذاءةِ على الأحماءِ [ونحوهم] (٢). وذهبتْ طائفةٌ منْهم إلى جوازِ خُروبِها نَهَارًا مطلقًا دونَ الليلِ للحديثِ المذكورِ وقياسًا عَلَى عِدَّةِ الوفاةِ، ولا يخْفَى أن الحديثَ المذكورَ عُلِّلَ فيهِ جوازُ الخروجِ برجاءِ أنْ تَصدَّقَ أوْ تفعلَ معروفًا وهذا عذرٌ في الخروجِ، وأما لغيرِ عُذْرٍ فلا يدل عليهِ، إلَّا أنْ يُقَالَ إنَّما هذا رجاءُ فعلِ ذلكَ، وقدْ يُرْجَى في كل خُروجٍ في الغالبِ. وفيهِ دليلٌ على استحبابِ الصَّدَقَةِ منَ التمرِ عندَ جِدَادِهِ واسْتِحْبَابِ التعرِيضِ لِصَاحِبِهِ بِفِعْلِ الخيرِ والتذْكيرِ بالمعْرُوفِ والبِرِّ.

المعتدَّة تمكث في بيت زوجها حتى تنقضي عدَّتها

٨/ ١٠٤٦ - وَعَنْ فُرَيْعَةَ بنْتِ مَالِكٍ أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ في طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ فَقَتَلُوهُ، قَالَتْ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ الَلَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فإنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ مَسْكَنًا لي يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةً، فَقَالَ: "نَعَمْ"، فَلَمَّا كُنْتُ في الحُجْرَةِ نَادَانِي، فَقَالَ: "امْكُثي في بَيتِكِ حَتى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ"، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أشْهُر وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَقَضَى بِهِ بَعْدَ عُثْمَانُ. أَخْرَجَهُ أحْمَدُ (٣) وَالأرْبَعَةَ (٤)، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالذُّهَلِي وَابْنُ حِبَّانَ (٥) وَالْحَاكِمُ (٦) وَغَيْرُهُمْ (٧). [صحيح]


(١) سورة الطلاق: الآية ١.
(٢) في (ب): "غيرهم".
(٣) في "المسند" (٦/ ٣٧٠، ٤٢٠ - ٤٢١).
(٤) أبو داود رقم (٢٣٠٠)، والترمذي رقم (١٢٠٤)، وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٦/ ١٩٩)، وابن ماجه رقم (٢٠٣١).
(٥) كما في "الموارد" رقم (١٣٣٢).
(٦) في "المستدرك" (٢/ ٢٠٨) وأقره الذهبي، ونقل الحاكم تصحيحه عن محمد بن يحيى الذهلي.
قلت: وأخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٩١ رقم ٨٧)، والدارمي (٢/ ١٦٨)، والشافعي في "الرسالة" فقرة (١٢١٤)، والطيالسي رقم (١٦٦٤).
(٧) كالمحدِّث الألباني في "الإرواء" رقم (٢١٣١ - التحقيق الثاني)، ذكر ذلك في "صحيح سنن =