للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما شمولُ عمومِها الكفارَ فمعلومٌ أنهُ غيرُ مرادٍ، وبهذَا يُعْرَفُ أن الملائكةَ قامُوا بالأمرينِ كما أشرْنا إليهِ. وفي الحديثِ رعايةُ اللَّهِ لعبدِه ولعنُ مَنْ عصاهُ في قضاءِ شهوتهِ منهُ، وأيُّ رعايةٍ أعظمُ منْ رعايةِ الملِكِ الكبيرِ للعبدِ الحقيرِ، فليكنْ لِنِعَمِ مولاهُ ذاكرًا، ولأياديهِ شاكرًا، ومنْ معاصيهِ محاذِرًا، ولهذهِ النكتةِ الشريفِ منْ كلامِ رسولِ اللَّهِ ذاكرًا.

لعن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة …

١٠/ ٩٦٣ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لعنَ الواصلةَ) بالصادِ المهملةِ (والمستوصلةَ والواشمةَ) بالشينِ المعجمةِ (والمستوشمةَ. متفقٌ عليه). الواصلةُ هي المرأةُ التي تَصِلُ شَعْرَها بِشَعْرِ غيرِها سواءٌ فعلتهُ لنفسِها أو لغيرِها، والمستوصلةُ التي تطلبُ فعلَ ذلكَ، وزادَ في الشرحِ: ويفعلُ بها، ولا يدلَّ عليهِ اللفظُ. والواشمةُ فاعلةُ الوشْمِ وهوَ أنْ تغرزَ إبرةً ونحوَها في ظهرِ كفِّها أو شَفَتِهَا أو نحوهما منْ بَدَنِها حتَّى يسيلَ الدَّمُ ثم تحشُو ذلكَ الموضعَ بالكحلِ أو النورةِ فَيَخْضَرُّ. والمستوشمةُ الطالبةُ لذلكَ. والحديثُ دليلٌ على تحريمِ الأربعةِ الأشياءِ المذكورةِ في الحديثِ، فالوصلُ محرَّمٌ للمرأةِ مطلقًا بِشَعْرٍ محرَّمٍ أو غيرِه، آدميٍّ أو غيرِه، سواء كانتِ المرأةُ ذاتَ زينةٍ أوْ لا، مزوجةٌ أو غيرُ مزوَّجةٍ. وللهادويةِ والشافعيةِ خلافٌ وتفاصيلُ لا ينهضُ عليها دليلٌ، بلِ الأحاديثُ قاضيةٌ بالتحريمِ مطلقًا لوصلِ الشعرِ واسْتِيْصالِه، كما هيَ قاضيةٌ بتحريمِ الوشْمِ وسؤالِه، ودلَّ اللَّعنُ أن هذِه المعاصي منَ الكبائرِ (٢). هذَا وقدْ عُلِّلَ الوشمُ في بعضِ الأحَاديثِ بأنهُ تغييرٌ لخلقِ اللَّهِ تعالى، ولا يُقَالُ إنَّ الخِضَابَ بالحِنَّاءِ ونحوهِ تشملُه العِلَّةُ؛ لأنها وإنْ شملتْه فهوَ


(١) البخاري رقم (٥٩٤٠)، ومسلم رقم (٢١٢٤).
قلت: وأخرجه أَبو داود رقم (٤١٦٨)، والترمذي رقم (١٧٥٩)، والنسائي (٨/ ١٤٥ - ١٤٦)، وابن ماجه رقم (١٩٨٧)، وأحمد (٢/ ٢١).
(٢) انظر: "الكبيرة الستون" من كتاب "الكبائر" للذهبي (ص ١٥٣).