للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الصنعاني (١): "فيه دلالة على تحريم الرجوع في الهبة، وهو مذهب جماهير العلماء. وبوَّب له البخاري: باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، وقد استثنى الجمهور ما يأتي من الهبة للولد ونحوه. وذهبت الهادوية، وأبو حنيفة إلى حِلِّ الرجوع في الهبة دون الصدقة، إلَّا الهبة لذي رحم. قالوا: والحديث المراد به التغليظ في الكراهة.

قال الطحاوي: قوله: كالعائد في قيئه وإن اقتضى التحريم لكن الزيادة في الرواية الأخرى. وهي قوله: كالكلب، تدل على عدم التحريم؛ لأن الكلب غير متعبَّد؛ فالقيء ليس حرامًا عليه، والمراد التنزه عن فعل يشبه فعل الكلب. وتُعقِّب باستبعاد التأويل، ومنافرةِ سياق الحديث له. وعُرْفُ الشرع في مثل هذه العبارة الزجرُ الشديد، كما ورد النهي في الصلاة عن إقعاء الكلب، ونقر الغراب، والتفات الثعلب، ونحوِه.

ولا يفهم من المقام إلَّا التحريم، والتأويل البعيد لا يلتفت إليه" اهـ.

[(ب) موقفه من التقليد المذهبي]

(١) تصريحه رحمه اللهُ بالتناقض بين دعوى الناس بالاقتداء، وواقعهم في محاربة المقتدين.

يقوله: (٢)

وأقبح من كل ابتداع سمعته … وأنكاه للقلب الموفق للرشد

مذاهب من رام الخلاف لبعضها … يعض بأنياب الأساود والأسد

يصب عليه سوط ذم وغيبة … ويجفوه من قد كان يهواه عن عمد

ويُعْزَى إليه كل ما لا يقوله … لتنقيصه عند التِّهامي والنَّجدي

فيرميه أهل الرفض بالنصب فِرْيَةً … ويرميه أهل النصب بالرفض والجحد

وليس له ذنب سوى أنه غدا … يتابع قول الله في الحل والعقد

ويتبع أقوال النبي محمد … وهل غيره باللَّه في الشرع من يهدي

لئن عَدَّه الجهال ذنبًا فحبذا … به حبذا يوم انفرادي في لحدي


(١) في "سبل السلام" رقم الحديث (٢/ ٨٧٧).
(٢) في ديوانه (ص ١٦٧ - ١٦٨).