للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديثِ بُرَيْدَةَ مائةُ شاةٍ، وقيلَ خمسٌ منَ الإبلِ إذْ هيَ الأصلُ في الدِّيَاتِ وهذا في جَنِيْنِ الحرَّةِ.

وأما جنينُ الأَمَةِ فقيلَ: يُخَصَّصُ بالقياسِ على دِيَتها، فَكَما أنَّ الواجبَ قيمتُها في ضمانِها فيكونُ الواجبُ في جنينِها الأرشُ منسوبًا إلى القيمةِ، وقياسُه على جنينِ الحرَّةِ فإنَّ اللازمَ فيهِ نصفُ عُشْرِ الدِّيةِ فيكونُ اللازمُ فيهِ نصفَ عُشْرِ قيمتِها.

[المسألة] (١) الثانية: قولُه: وقَضى بِدَيةِ المرأةِ علَى عاقلتِها، يدلُّ على أنهُ لا يجبُ القصاصُ في مِثْلِ هذَا، وهوَ منْ أدلَّةِ مَنْ يثبتُ شِبْهَ العَمدِ وهوَ الحقُّ، فإنَّ ذلكَ القتلَ كانَ بحجرٍ صغيرٍ أو عُودٍ صغيرٍ لا يُقْصَدُ [بمثله] (٢) القتلُ بحسبِ الأغلبِ فيجب فيهِ الديةُ على العاقلةِ ولا قصاصَ فيهِ، والحنفيةُ تجعلُه مِنْ أدلةِ عدمِ وجوبِ القصاصِ بالمِثْقَلِ.

الثالثةُ: في قولِه: على عاقلتِها، دليلٌ على أنَّها تجبُ الدِّيةُ على العاقلةِ، والعاقلةُ همُ العصبةُ، وقدْ فُسِّرَتْ بِمَنْ عَدَا الولدِ وذوي الأرحامِ كما أخرجَهُ البيهقيُّ (٣) منْ حديثِ أسامةَ بنِ عميرٍ. فقالَ أبُوهَا: إنَّما يعقلُها بَنُوها، فاخْتَصَمُوا إلى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "الديةُ على العَصَبَةِ وفي الجنينِ غُرَّةٌ".

ولهذا بوَّبَ البخاريُّ (٤) (بابُ جنينِ المرأةِ وأنَّ العقلَ على الوالدِ وعَصَبةِ الوالدِ لا عَلَى الولدِ)، قالَ الشافعيُّ: ولا أعلمُ خِلَافًا في أنَّ العاقِلَةَ العصبةُ وهمُ القرابةُ منْ قِبَلِ الأبِ، وفُسِّرَ بالأقربِ فالأقربِ منْ عصبةِ الذَّكَرِ الحرِّ المكلَّفِ، وفي ذلكَ خلافٌ يأتي في القسَامَةِ.

وظاهرُ الحديثِ وجوبُ الدِّيةِ على العاقلةِ وبهِ قالَ الجمهورُ، وخالفَ جماعةٌ في وجوبِها عليهم فقالُوا: لا يعقلُ أحدٌ عنْ أحدٍ، مُسْتَدِلِّينَ بما عندَ أحمدَ (٥) وأبي داودَ (٦) والنسائيِّ (٧) والحاكمِ (٨) أنَّ رجلًا أَتَى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (ب): "به".
(٣) في "السنن الكبرى" (٨/ ١٠٨).
(٤) في "صحيحه" رقم الباب (٢٦): (١٢/ ٢٥٢).
(٥) في "المسند" (٤/ ١٦٣) مختصرًا ومطولًا.
(٦) في "السنن" رقم (٤٢٠٨)، ورقم (٤٤٩٥).
(٧) في "السنن" (٨/ ٥٣).
(٨) في "المستدرك" (٢/ ٤٢٥)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. =