للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تخنُّث الرجال وترجُّل النساء

١٣/ ١١٤٢ - وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: الْمُخَنَّثِينَ من الرِّجَال، وَالْمُتَرَجِّلَات مِنَ النِّسَاءِ. وَقَالَ: "أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكِمْ"، رَوَاهُ الْبُخَاريُّ (١). [صحيح]

(وعنِ ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: لعنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المخنَّثينَ) جَمْعُ مخنَّثِ بالخاءِ المعجمةِ فنونٍ فمثلثةٍ، اسمُ مفعولٍ أو اسمُ فاعلٍ رُوِيَ بهِمَا (منَ الرجالِ والمترجِّلاتِ منَ النساء، وقالَ: أخرجُوهُم منْ بيوتِكم. رواهُ البخاريُّ).

اللعنُ منهُ - صلى الله عليه وسلم - على مرتكبِ المعصيةِ [دليل] (٢) على كِبَرِهَا، وهوَ يَحْتَمِلُ الإخبارَ والإنشاءَ كما قدَّمْنا. والمخنَّثُ منَ الرِّجالِ المرادُ بهِ منْ تشبَّهَ بالنساءِ في حركاتِهِ وكلامِهِ وغيرِ ذلكَ منَ الأُمورِ المختصَّةِ بالنساءِ، والمرادُ مَنْ تخلَّق بذلكَ لا مَنْ كانَ منْ خِلْقَتِهِ وجِبِلَّتهِ، والمرادُ بالمترجِّلَاتِ منَ النساءِ المتشبهاتُ بالرجالِ، هكَذَا وردَ تفسيرُه في حديثٍ آخرَ أخرجَهُ أبو داودَ (٣)، وهذا دليل على تحريمِ [التشبه] (٤) بالنساءِ وبالعكسِ.

وقيلَ لا دلالةَ [في اللعن] (٥) على التحريم لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يأذنُ للمتخنثين بالدخولِ علَى النساءِ، وإنَّما نَفَى مَنْ سمعَ منهُ وصفَ المرأةِ بما لا يفطنُ لهُ إلَّا مَن كانَ لهُ إِرْبةٌ، فهوَ لأجلِ تتبعِ أوصافِ الأجنبيةِ.

قلتُ: يحتملُ أنَّ مَنْ أَذِنَ لهُ كانَ ذلكَ صفةً لهُ خِلْقَةً لا تخلُّقًا، هذَا وقالَ ابنُ التِّينِ (٦): أما منِ انتَهى في التشبُّهِ بالنساءِ منَ الرجالِ إلَى أنْ يُؤْتَى في دُبُرِهِ، وبالرجالِ منَ النساءِ إلى أنْ يَتَعاطَى السحقَ، فإنَّ لهذيْن الوصفين منَ اللَّوْمِ والعقوبةِ أشدَّ ممنْ لم يصلْ إلى ذلكَ.


(١) البخاري (٦٨٣٤) و (٥٨٨٥)، وأبو داود (٤٩٣٠)، (٤٠٩٧)، والترمذي (٢٧٨٥)، وأحمد (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٣٧ و ٢٥٤ و ٣٣٩ و ٣٦٥).
(٢) في (ب): "دال".
(٣) في "السنن" (٤٠٩٨)، عن أبي هريرة قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجلَ يلبسُ لِبسةَ المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"، وهو حديث صحيح.
(٤) في (ب) "تشبَّهِ الرجالِ".
(٥) في (ب): "للعن".
(٦) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٣٣٣).