للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ عبيدِ اللهِ بن عديِّ بن الخيارِ) (١) بكسرِ الخاءِ المعجمةِ، فمثناةِ تحتيةٍ آخرهُ راءٌ، وعبيدُ اللهِ يقالُ: إنهُ وُلدَ عَلى عهدِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يعدُّ في التابعينَ، رَوَى عنْ عمرَ وعثمانَ وغيرِهما، (أن رجلينِ حدَّثَاهُ أنَّهما أتيا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يسألانِه منَ الصدقةِ، فقلَّبَ النظرَ فيهما)، [فسَّرتْ] (٢) ذلكَ الروايةُ الأُخرى، فرفعَ فينا النظرَ وخفَّضَه، (فرآهُما جلْدَيْنِ فقالَ: إنْ شئتُما أعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مُكْتَسِبٍ. رواهُ أحمدُ، وقوَّاهُ أبو داودَ والنسائيُّ)، قالَ أحمدُ بن حنبلٍ (٣): ما أجودَهُ منْ حديثٍ، وقولُه: إن شئتُما، أي: أن أخْذَ الصدقةِ ذلّةٌ، فإنْ رضيتُما بها أعطيتُكما، أو أنَّها حرامٌ على الجَلْدِ، فإنْ شئتُما تناولُ الحرامِ أعطيتُكما، قالهُ توبيخًا وتغليظًا. والحديثُ منْ أدلةِ تحريمِ الصدقةِ على الغنيِّ، وهو تصريحٌ بمفهومِ الآيةِ، وإنِ اختُلِفَ في تحقيقِ الغنيِّ كما سلفَ، وعلى القويِّ المكتسبِ؛ لأن حرفتَه صيَّرتْهُ في حكم الغنيِّ، ومَنْ أجازَ له تأوَّلَ الحديثَ بما لا يقبلُ.

[[تحريم المسألة إلا لثلاثة]]

٣/ ٦٠٥ - وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَاليِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتى يُصيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذِوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيشٍ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ يَأكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٤)، وَأَبُو


= قلت: وأخرجه الدارقطني (٢/ ١١٩ رقم ٧)، والبيهقي (٧/ ١٤) وغيرهم.
قال الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٤٠١): "قال صاحب "التنقيح": حديث صحيح، ورواته ثقات، قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: ما أجوده من حديث، وهو أحسنها إسنادًا" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، كما قال صاحب "التنقيح"، والألباني في "الإرواء" (رقم ٨٧٦).
(١) انظر: "تهذيب التهذيب" (٧/ ٣٢ - ٣٣ رقم ٦٧).
(٢) في (أ): "فسَّرَهُ".
(٣) ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٤٠١).
(٤) في "صحيحه" (١٠٩/ ١٠٤٤).