للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بينَه وبينَ قولِه دينارانِ أن في حديثِ الكتابِ أنَّهما كانا دينارينِ وشطرًا فمنْ قالَ ثلاثةً جبرَ الكسرَ، ومَن قال ديناران ألقاهُ، أو كان الأصلُ ثلاثة فقضى قبلَ موتِه دينارًا فمن قال ثلاثةً اعتبرَ أصلَ الدَّيْنِ، ومنْ قال دينارانِ اعتبرَ الباقي. ويحتملُ أنَّهما قِصَّتانِ وإنْ كانَ بعيدًا. وفي روايةِ الحاكمِ (١) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - جعلَ إذا لقيَ أبا قَتَادَةَ [يقولُ] (٢): ما صنعتِ الديناران؟ حتَّى كانَ آخرَ ذلكَ أنْ قالَ: قضيْتُهما يا رسولَ اللهِ، قالَ: "الآنَ بَرَدَتْ جلدتُه". وَرَوَى الدارقطنيُّ (٣) منْ حديثِ عليّ - رضي الله عنه -: "كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتيَ بجنازةٍ لم يسألْ عنْ شيءِ منْ عملِ الرجلِ، ويسألُ عنْ دَيْنِهِ، فإنْ قيلَ: عليهِ دَيْنٌ كَفَّ، وإنْ قيلَ: ليسَ عليهِ دَيْنٌ صلَّى، فأُتِيَ بجنازةٍ فلمَّا قامَ ليكبِّرَ سألَ هلْ عليهِ دَيْنٌ؟ فقالُوا: دينارانَ، فعدلَ عنهُ، فقالَ عليٌّ: هما عليَّ يا رسول اللهِ، وهوَ بريٌّ منهما، فصلَّى عليهِ ثمَّ قالَ: جزاكَ اللهُ خيرًا، وفكَّ اللهُ رِهانَكَ - الحديثَ". قال ابنُ بطالٍ (٤): ذهبَ الجمهورُ إلى صحةِ هذهِ الكفالةِ عن الميتِ، ولا رجوعَ لهُ في مالِ الميتِ.

وفي الحديثِ دليلٌ على أنهُ يصحُّ أن يحتملَ الواجبَ غيرُ مَنْ وجبَ عليهِ، وأنهُ ينفعُه ذلكَ، ويدلُّ على شدةِ أمر الدَّيْنِ فإنهُ - صلى الله عليه وسلم - تركَ الصلاةَ عليهِ لأنَّها شفاعةٌ، وشفاعتُه - صلى الله عليه وسلم - مقبولةٌ لا تُرَدُّ، والدَّيْنُ لا يسقطُ إلَّا بالتأديةِ.

وفي الحديثِ دليلٌ أنهُ لا يُكْتَفَى بالظاهرِ منَ اللفظِ بلْ لا بدَّ للحاكمِ في الإلزامِ بالحقِّ منْ تحققِ ألفاظِ العقودِ والإقراراتِ، وأنهُ إذا ادَّعى منْ عليهِ الحكومةُ أنهُ قصدَ باللفظِ معنَىً يحتملُه، وإنْ بَعُدَ الاحتمالُ لا يُحْكَمُ عليهِ بظاهرِ اللفظِ. وعطفُ: وبرئَ منْهما الميتُ على ذلكَ مما يؤيدُ هذا المعنَى المستنْبَطِ.

قضاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمَّن مات وعليه دين

٣/ ٨٢٨ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أن رَسُول - صلى الله عليه وسلم - اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ


(١) تقدم بيان أنها في "المستدرك" (٢/ ٥٨).
(٢) في (ب): "قال".
(٣) في سننه (٣/ ٤٦ رقم ١٩٤)، وأخرجه أيضًا البيهقي (٦/ ٧٣)، وقال: فيه عطاء بن عجلان ضعيف. اهـ.
(٤) انظر: "الفتح" (٤/ ٤٦٨).