للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد عرفت ما قيلَ فيه. والأقربُ منْ بابِ الترجيحِ أن حديثَ ابن عمروٍ [أرجحُ] (١) منْ حيثُ الإسنادِ، فإنهُ قدْ قالَ الشافعي في حديثِ سمرةَ: إنهُ غيرُ ثابتٍ عنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كما رواهُ عنهُ البيهقي (٢). وقرضُ الحيوانِ بالحيوانِ قدْ صحَّ (٣) عنهُ جوازُه أيضًا.

[النهي عن بيع المزابنة]

١٥/ ٧٩٧ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْر كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، وَإِنْ كانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. مُتَّفَق عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - قالَ: نَهَى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن المزابنةِ)، وفسَّرها بقولِه: (أنْ يبيعَ ثمرَ حائطهِ إنْ كانَ نَخْلًا بتمرٍ كيلًا، وإنْ كانَ كَرْمًا أن يبيعَه بزبيب كيلًا، وإنْ كانَ زرْعًا أن يبيعَه بكيلِ طعامٍ، نَهَى عنْ ذلكَ كلِّه. متفقٌ عليه). تقدَّم (٥) الكلامُ على تفسيرِ المزابنةِ واشتقاقِها ووجهِ التَّسميةِ. وقولُه: ثمرٌ، بالمثلثةِ وفتحِ الميمِ، فشملَ الرطبَ وغيرَه. والمرادُ ما كانَ في أصلِه رُطَبًا منْ هذهِ الأمورِ المذكورةِ، وأرادَ بالكرمِ العِنبَ، وقد اختلفَ العلماءُ في تفسير المزابنةِ. وتقدَّم أن المعوَّلَ عليهِ في تفسيرِها ما فسَّرها بهِ الصحابيُّ لاحتمالِ أنهُ مرفوعٌ، وإلَّا فهوَ أعرفُ بمرادِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ ابنُ عبدِ البر (٦): لا مخالفَ لهمْ أن مثلَ هذا مزابنةٌ، وإنَّما اختلفُوا هلْ يلحقُ بذلكَ كلُّ ما لا يجوزُ بيعُه إلَّا مِثْلًا بِمْثلٍ؟ فالجمهورُ على الإلحاقِ في الحكمِ للمشاركةِ في العلَّةِ في ذلكَ، وهوَ عدمُ العلمِ بالتساوي معَ الاتفاقِ في الجنسِ والتقديرِ،


(١) في (أ): "راجح".
(٢) في "السنن الكبرى" (٥/ ٢٨٩).
(٣) من رواية أبي رافع، رواه مسلم، وسيأتي برقم (٧/ ٨١٣) من كتابنا هذا.
(٤) البخاري (٤/ ٣٨٤ رقم ٢١٨٥)، ومسلم (٣/ ١١٧١ رقم ١٥٤٢).
وأخرجه: أبو داود (٣٣٦١)، والنسائي (٤٥٣٤)، وابن ماجه (٢٢٦٥)، وأحمد (٢/ ١٦، ٦٣، ٦٤، ١٠٨)، ومالك (٢/ ٦٢٤ رقم ٢٣)، والطحاوي (٤/ ٢٩).
(٥) أثناء شرح الحديث رقم (٢٥/ ٧٦٠) من كتابنا هذا.
(٦) في "التمهيد" (٢/ ٣١٤).