للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنا علمْنا منْ تواطؤِ أحاديثِهم أنهُ كانَ معهُ - صلى الله عليه وسلم - في عامِ الحديبيةِ رجالٌ معروفونَ، ثمَّ اعتمرُوا عمرةَ القضاء، فتخلَّفَ بعضُهم في المدينةِ منْ غيرِ ضرورةٍ في نفسٍ ولا مالٍ، ولو لزمَهمْ القضاءُ لأمرَهمْ بأنْ لا يتخلَّفُوا عنهُ، وقالَ: إنما سمِّيتْ عمرةَ القضاءِ والقضيةُ للمقاضاةِ التي وقعتْ بينَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبينَ قريشٍ، لا على أنهُ واجبٌ قضاءُ تلكَ العمرةِ. وقولُ ابن عباسٍ: "ونحرَ هديَهُ"، اختلفَ العلماءُ هلْ نحرَه يومَ الحديبيةِ في الحلِّ أو في الحرمِ؟ وظاهرُ قولِه تعالَى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (١) أنَّهم نحروه في الحلِّ، وفي محلِّ نحرِ الهدي للمحصَرِ أقوالٌ:

الأول: للجمهورِ، أنهُ يذبحُ هديهُ حيثُ يحلُّ في حلٍّ أو حَرَمٍ.

الثاني: للهادوية والحنفيةِ، أنهُ لا ينحرهُ إلَّا في الحرمِ.

الثالثِ: لابنِ عباسٍ وجماعةٍ، أنهُ إنْ كانَ يستطيعُ البعثَ بهِ إلى الحرمِ وجبَ عليهِ، ولا يحلُّ حتَّى ينحرَ في محلِّه، وإنْ كانَ لا يستطيعُ البعثَ بهِ إلى الحرم نحرَه في محلِّ إحصارِه. وقيلَ إنهُ نحرَه في طرفِ الحديبيةِ وهوَ منَ الحرمِ، والأولُ أَظهرُ.

[الاشتراط في الحج]

٢/ ٧٣٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِني أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَن مَحَلِّي حَيثُ حَبَسْتَنِي"، مُتَّفَق عَلَيْهِ (٢). [صحيح]

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ضُباعةَ)، بضمِّ الضادِ المعجمةِ، ثمَّ موحَّدةٌ مخفَّفةٌ (بنتِ الزبير بن عبدِ المطلبِ) بن هاشمِ بن عبدِ منافٍ بنتِ عمِّ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، تزوَّجَها المقدادُ بنُ عمرو فولَدتْ لهُ عبدَ اللَّهِ وكريمةَ، رَوَى عنْها


(١) سورة الفتح: الآية ٢٥.
(٢) البخاري (٥٠٨٩)، ومسلم (١٢٠٧).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ١٦٤، ٢٠٢)، والنسائي (٥/ ٦٨، ١٦٨)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (٤٢٠)، والطبراني في "الكبير" (٢٤ رقم ٨٣٣، ٨٣٤، ٨٣٥)، والبيهقي (٥/ ٢٢١)، والبغوي رقم (٢٠٠٠)، وابن خزيمة (٤/ ١٦٤)، وابن حبان (٩٧٣ - موارد)، والدارقطني (٢/ ٢١٩) وغيرهم من طرق …