للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديثِ أبي الدرداءِ، وابن ماجهْ منْ حديثِ أبي هريرةَ، وكلُّها ضعيفةٌ. لكنْ قدْ يقوِّي بعضُها بعضًا)، وذلكَ لأنَّ في إسنادهِ إسماعيلَ (١) بنَ عياشٍ وشيخَه عتبةَ (٢) بنَ حُمَيْدٍ، وهما ضعيفانِ، وإنْ كانَ لهم في روايةِ إسماعيلَ تفصيلٌ معروفٌ.

والحديثُ دليلٌ على شَرْعِيَّةِ الوصيةِ بالثُّلُثِ، وأنهُ لا يُمْنَعُ منهُ الميتُ، وظاهرُه الإطلاقُ في حقِّ مَنْ لهُ مالٌ كثيرٌ، ومَنْ قلَّ مالُه، وسواءٌ [كان] (٣) لوارثٍ أو غيرِهِ، ولكنْ يُقَيِّدُهُ ما سَلَفَ منَ الأحاديثِ التي هي أصحُّ منهُ، فلا تُنَفَّذُ للوارثِ. وإليهِ ذهبَ الفقهاءُ (٤) الأربعةُ، وغيرُهم، والمؤيدُ باللَّهِ رَوَى عنْ زيدِ (٥) بن عليٍّ. وذهبتِ الهادويةِ (٥) إلى نفوذِها للوارثِ وادَّعى فيهِ إجماعَ أهلِ البيتِ، ولا يصحُّ هذا.

تقديم الدَّين على الوصية في الأداء

واعلمْ أن قولَه تعالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٦) يقتضي ظاهرها أنهُ يخرجُ الدَّيْنُ والوصيةُ منْ تَرِكَةِ الميِّتِ على سواءٍ، فتشاركُ الوصيةُ الدَّيْنَ إذا استُغْرِقَ المالُ. وقد اتفقَ العلماءُ (٧) على أنهُ يقدَّمُ إخراجُ الدَّيْنِ على الوصيةِ لما أخرجَه أحمدُ (٨)، والترمذيُّ (٩) وغيرُهما منْ حديث عليٍّ - رضي الله عنه - منْ روايةِ الحارِثِ


(١) قال عنه ابن معين: ليس به بأس في أهل الشام.
وقال دحيم: هو في الشاميين غاية وخلط عن المدنيين.
وقال البخاري: إذا حدَّث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدَّث عن غيرهم ففيه نظر.
وقال ابن المديني: ما كان أحد أعلم بحديث أهل الشام من إسماعيل بن عياش، ولو ثبت على حديث أهل الشام، ولكنه خلط في حديثه عن أهل العراق.
انظر: "ميزان الاعتدال" (١/ ٢٤١)، وقال الحافظ في "التقريب" (١/ ٧٣): صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم. اهـ.
(٢) قال عنه أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أحمد: ضعيف ليس بالقوي.
انظر: "ميزان الاعتدال" ٣/ ٢٨ رقم ٥٤٧٠)، وقال في "التقريب" (٢/ ٤ رقم ١٣): بصري صدوق له أوهام. اهـ.
(٣) في (ب): "كانت".
(٤) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١٧٣، ١٧٤) بتحقيقنا.
(٥) انظر: "البحر الزخار" (٥/ ٣٠٨).
(٦) سورة النساء: الآية ١١.
(٧) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٣٧٧، ٣٧٨).
(٨) في "المسند" (١/ ٧٩، ١٣١، ١٤٤).
(٩) في "سننه" (٢١٢٢) وطرفاه في (٢٠٩٤، ٢٠٩٥) ثم قال: والعمل على هذا عند عامة أهل=