للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للقاطِع صلةَ رحمهِ، وهذا على روايةٍ قُطِعَتْ بالبناءِ للفاعلِ، وهي روايةٌ، فقالَ ابنُ العربيِّ في شرحِه: المرادُ الكاملةُ في الصلةِ. وقالَ الطيبيُّ (١): معناهُ ليسَ حقيقةُ الواصلِ، ومنْ يعتدُّ بصلتِه مَنْ يكافئ صاحبَه بمثل [فعلِه] (٢)، ولكنَّ مَنْ يتفضلُ على صاحبهِ، قالَ المصنفُ: لا يلزم مِنْ نفي الوصلِ ثبوتُ القطع، فهمْ ثلاثُ درجاتٍ: مواصل، ومكافئٌ، وقاطعٌ، فالواصلُ هوَ الذي يتفضلُ ولا يُتَفَضَّلُ عليهِ، والمكافئُ الذي لا يزيدُ في الإعطاءِ على ما يأخذُه، والقاطعُ [هو] (٣) الذي لا يُتَفَضَّلُ عليهِ، ولا يَتَفَضَّلُ. قالَ الشارحُ: وبالأَوْلى أن من تفضل عليهِ ولا يَتَفضَّلُ أنهُ قاطعٌ. قالَ المصنفُ: وكما تقعُ المكافأةُ بالصلةِ مِنَ الجانبيْنِ كذلكَ تقعُ بالمقاطعةِ من الجانبين، فمنْ بدأَ فهوَ القاطعُ، فإنْ جُوزِيَ سُمِّيَ مَنْ جازاهُ مكافِئًا.

[النهي عن عقوق الوالدين]

٣/ ١٣٧٤ - وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرّمَ عَلَيكُمْ: عُقُوقَ الأُمّهَاتِ، وَوَأدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعّا وَهَاتِ. وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإضَاعَةَ المَالِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - عن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِن اللَّهَ حَرّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمُّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). الأمهاتُ جمعُ [أمهةٍ] (٥) لغةً في الأمِ، ولا تطلقُ إلَّا على مَنْ يعقلُ بخلافِ أمِّ فإنَّها تعمُّ. وإنَّما خُصَّتِ الأمُّ هنا إظهارًا لعِظَمِ حقِّها، وإلَّا فالأبُ محرَّمٌ عقوقُه، وضابطُ العقوقِ المحرَّمِ كما نقلَ خلاصتَه عن البُلقيني، وهوَ أنْ يحصلَ منَ الولدِ للأبوْينِ أوْ أحدهما إيذاءٌ ليسَ بالهيِّنِ عرفًا، فيخرجُ منْ هذا ما إذا حصلَ منَ الأبوينِ أمرٌ أو نَهْيٌ فخالفَهما بما لا يعدُّ في العرفِ مخالفتُه


(١) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (١٠/ ٤٢٣).
(٢) في (أ): "ما فعله".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٥٩٧٥)، ومسلم (٣/ ١٣٤١ رقم ١٢/ ٥٩٣).
(٥) في (أ): "أمه".