للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بضمِّ الميمِ، وسكونِ الزاي، فعينٍ مهملةٍ، (لحم. متفقٌ عليه).

الحديثُ دليلٌ على قبْحِ كثرةِ السؤالِ، وأنَّ كلَّ مسألةٍ تُذْهِبُ منْ وجهِه قطعةَ لحمٍ حتَّى لا يبقَى فيهِ شيءٌ، لقولهِ: لا يزالُ، ولفظُ الناسِ عامٌّ مخصوصٌ بالسلطانِ كما يأتي. والحديثُ مُطْلَقٌ في قُبْحِ السؤالِ مطلقًا، وقيدَهُ البخاريُّ بمَنْ يسألُ تكثُّرًا كما يأتي، يعني: مَنْ سألَ وهوَ غنيٌّ فإنهُ ترجمَ لهُ: ببابِ (١) مَنْ سأَلَ تكثُّرًا لا مَنْ سألَ لحاجةٍ؛ فإنهُ يباحُ لهُ ذلكَ، ويأتي قريبًا بيانُ الغنَى الذي يمنعُ منَ السؤالِ، قالَ الخطابي: معنَى قولهِ: "وليسَ في وجههِ مزعةُ لحمٍ"، يحتملُ أنْ يكونَ المرادُ بهِ يأتي ساقطًا لا قدرَ لهُ ولا جاهَ، أو يعذبُ في [وجهه] (٢) حتَّى يسقطَ لحمُه عُقُوبَةً لهُ في موضعِ الجنايةِ؛ لكونهِ أذلَّ وجهَه بالسؤالِ، وأنهُ يُبْعَثُ ووجههُ عَظْمٌ ليكونَ ذلكَ شعارَهُ الذي يُعْرَفُ بهِ. ويؤيدُ الأولَ ما أخرجهُ الطبرانيُّ (٣)، والبزارُ (٤) منْ حديثِ مسعودِ بن عمروٍ: "لا يزالُ العبدُ يسألُ وهوَ غنيٌّ حتَّى يَخْلَقَ وجههُ، فلا يكونُ لهُ عندَ اللهِ وَجْهٌ"، وفيهِ أقوالُ أُخَرُ.

[[النهي عن كثرة المسألة]]

١٠/ ٦٠٠ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَسْأَلِ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ يسألِ الناسَ أموالَهم تكثرًا، فإنَّما يسألُ جَمْرًا، فليستقلَّ أو لِيستكثرْ. رواهُ مسلمٌ). قالَ ابنُ العربيِّ رحمهُ الله: إنَّ قولَهُ: "فإنَّما يسألُ جَمْرًا" معناهُ: أنهُ يعاقبُ بالنارِ، ويحتملُ أنْ يكونَ حقيقةً أي: أنهُ يصيرُ ما يأخذُه جَمْرًا يُكْوَى بهِ كما في مانعِ الزكاةِ، وقولهُ: "فليستقلَّ" أمرٌ للتهكمِ، ومثلُهُ ما عطفَ عليهِ، أو للتهديدِ منْ بابِ (اعملُوا ما شئْتُم)، وهوَ مُشْعِرٌ بتحريمٍ السؤالِ للاستكثار.


(١) برقم (٥٢) (٣٣٨).
(٢) في (أ): "جهنم".
(٣) في الكبير - كما في "المجمع" (٣/ ٩٦).
(٤) في "الكشف" (١/ ٤٣٤ رقم ٩١٩).
وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام.
(٥) في "صحيحه" (٢/ ٧٢٠ رقم ١٠٤١).