للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أخرجَ أبو داود (١) في سننهِ، قالَ عمروٌ: فما شهدت مشهدًا في جرمِ [اسمِ قبيلةٍ] (٢) إلَّا كنتُ إمامَهم، وهذا يعمُّ الفرائضَ والنوافلَ.

قلتُ: ويحتاجُ مَنِ ادَّعى التفرقةَ بينَ الفرضِ والنفلِ، وأنهُ تصحُّ إمامةُ الصبيِّ في هذا دونَ ذلكَ إلى دليلٍ. ثمَّ الحديثُ فيهِ دليلٌ على القولِ بصحةِ صلاةِ المفترضِ خلفَ المتنفلِ. كذَا في الشرحِ وفيهِ تأملٌ.

[من هم أولى بالإمامة]

١٤/ ٣٨٣ - وَعَنِ أبي مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمَهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمَهُمْ سِلْمًا" - وَفِي رِوَايَةٍ: "سِنًّا - وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣). [صحيح]

(وعنِ أبي مسعودٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يومُّ القومَ أقرؤُهمْ لكتابِ اللهِ) الظاهرُ أن المرادَ: أكثرُهم لهُ حِفْظًا. وقيلَ: أعلمُهم بأحكامِه، والحديثُ الأولُ يناسبُ القولَ الأولَ: (فإنْ كانُوا في القراءةِ سواءً فأعلمُهم بالسنةِ، فإنْ كانُوا في السنةِ سواءً فأقدمُهم هجرة، فإنْ كانُوا في الهجرةِ سواءً فأقدمُهم سلمًا) أي: إسلامًا (وفي روايةٍ: سنًا) عوضًا عن سلمًا (ولا يَؤمَّنَّ الرجل الرجلَ في سلطانِه، ولا يقعدْ في بيتهِ على تكرِمَتِهِ) بفتحِ المثناةِ الفوقيةِ، وكسرِ الراءِ: الفراشُ ونحوُه مما يبسطُ لصاحبِ المنزلِ، ويختصُّ بهِ (إلَّا بإذنهِ، رواهُ مسلمٌ).

الحديثُ دليلٌ على تقديمِ الأقرأ على الأفقهِ، وهوَ مذهبُ أبي حنيفةَ


(١) في "السنن" (١/ ٣٩٥ رقم ٥٨٧)، وهو حديث صحيح.
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في "صحيحه" (١/ ٤٦٥ رقم ٦٧٣).
قلت: وأخرجه الترمذي (٢٣٥)، وأبو داود (٥٨٢)، وابن ماجه (٩٨٥)، والنسائي (٢/ ٧٦ رقم ٧٨٠)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٤/ ٢٠٩ رقم ٥٩٠٤)، وابن خزيمة (٣/ ٤ رقم ١٥٠٧)، وأحمد (٤/ ١١٨).