للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[البابُ الأولُ] بابُ المياه

البابُ لغةً: ما يُدخَلُ ويُخرَجُ منهُ، {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} (١)، {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (٢). وهو هنا مجازٌ، شبَّهَ الدخولَ إلى الخوضِ في مسائلَ مخصوصةٍ بالدخولِ في الأماكن المحسوسةِ، ثم أثبتَ لها البابَ.

والمياهُ جمع ماءٍ، وأصله مَوْهٌ، ولذا ظهرتِ الهاءُ في جمعِهِ. وهوَ جنسٌ يقعُ على القليلِ والكثير، إلا أنهُ جُمِعَ لاختلافِ أنواعه باعتبار حكم الشرع؛ فإنَّ فيهِ ما يُنهى عنهُ، وفيه ما يُكْرَهُ؛ وباعتبار الخلاف في بعضِ المياهِ كماءِ البحرِ فإنَّهُ نقلَ الشارحُ الخلافَ في التطهر بهِ عن ابن عُمَر (٣)، وابن عمرو (٤).

وفي النهاية (٥) أنَّ في كونِ ماءِ البحرِ مطهِّرًا خلافًا لبعضِ أهل الصدرِ الأولى (٦)، وكأنهُ لقِدم الخلافِ فيهِ بدأَ المصنفُ بحديثٍ يفيدُ طهوريتَهُ، وهو حُجَّةُ الجماهيرِ فقال:


(١) سورة المائدة: الآية ٢٣.
(٢) سورة البقرة: الآية ١٨٩.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٣١) عن عقبة بن صهبان قال: سمعت ابن عمر يقول: "التيمم أحب إليَّ من الوضوء من ماء البحر".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٣١) عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: "ماء البحر لا يجزئ من وضوء ولا جنابة، إن تحت البحر نارًا ثم ماء ثم نار".
وأخرجه البيهقيُّ في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٣٤). وهو موقوف وسنده لا بأس به.
(٥) أي في: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد الحفيد (١/ ٢٣).
وقد قمت بتحقيقها وتخريجها والتعليق عليها، وللَّهِ الحمدُ والمنَّةُ.
(٦) قال الزرقاني في شرحه على "الموطأ" (١/ ٥٣): "التطهير بماء البحر حلال صحيح كما عليه جمهور السلف والخلف، وما نُقل عن بعضهم من عدم الإجزاء به مزيَّف أو مؤوَّل بأنه أراد بعدم الإجزاء على وجه الكمال عنده" اهـ.